يقدم هذا الكتاب نظرة معيقة تصطبغ بالأسلوب العلمي الميداني لعدد من الموضوعات المتعلقة بالحياة المعاصرة، والمرتبطة بالعلاقة التفاعلية بين الآباء والأبناء بما تحتويه هذه العلاقة من أدوار مهمة للوالدين، وما تتطلبه من أساليب ناجعة لمعاملة الأبناء، كما تسرب موضوعات هذا الكتاب من خلال البيانات الميدانية والتحليل العلمي ما ترتب على التنشئة الوالدية من آثار إيجابية أو سلبية تنعكس مستقبلاً على حياة الأبناء بمختلف جوانبها النفسية والتربوية، في ظل تزامح المجتمع المحيط بالأبناء بعوامل ومؤثرات أخرى عديدة تقتضيها الحياة العصرية في عالم التكنولوجيا والمعلومات، مما يستدعي الحاجة الماسة لمثل هذا المؤلف لتقديم الوعي القائم على البراهين العملية للآباء، وتنويرهم بالممارسات التربوية وأساليب التنشئة الصحيحة للأبناء.
ولم يقف المؤلف على التنشئة الوالدية للآباء فقط، بل خصص جانبًا مهمًا من كتابه حول أساليب التنشئة لدى المعلمين ودور المدرسة في تنشئة الطلاب ورعايتهم. ومن الجوانب التي يمتاز بها هذا الكتاب اتخاذ الأسرة العمانية مجتمعًا للتطبيقات الميدانية والعملية، مع قلة الدراسات الميدانية التي تعتمد على عينات وطنية، من أجل التوصل إلى أنماط وأساليب التنشئة الوالدية السائدة فيها، وتفنيد العوامل المؤثرة عليها وصولاً إلى استخلاص تأثيرها على حياة الأبناء في عمان.
ويشمل هذا الكتاب على ستة فصول يوضح المؤلف من خلالها عددًا من القضايا المعاصرة المتعلقة بالتنشئة الوالدية وتأثيراتها، والتي نالت اهتمام العديد من الباحثين والمؤلفين، وقدموا فيها خلاصة جهودهم وعصارة إنتاجهم. وتتنوع القضايا التي يتعرض لها الكتاب ويتناولها المؤلف، فمنها ما يركز على قضايا تشخيصية مثل أنماط التنشئة الوالدية وأساليب التعامل مع الأبناء، والعوامل المؤثرة عليها في البيئة العمانية، ومنها ما يتناول قضايا استطلاعية لآراء الفئات المرتبطة بموضوعات الكتاب كآباء وأبناء ومعلمين وتربويين أفرزت مقارنات فندها المؤلف.