لماذا هذا الكتاب؟
تتدافع األجوبة في ذهني على هذا السؤال: إنه محاولة لسد بعض النقص في المكتبة التربوية باللغة العربية. إنه مرجع لطالبات اختصاص رياض األطفال والطفولة المبكرة. إنه نوع من الدليل المساعد للمعلمات والاهل من أجل فهم أهمية اللعب في تربية األطفال. إنه محاولة لتركيز المعرفة من أجل تطوير ذاتي في ما أقوم به من تدريس سيكولوجة اللعب في الجامعة اللبنانية. ولكن ثمة جواب يقبع في الداخل، مختبئاً وموارباً وخجوال:ً إنه سعي لإلمساك بلحظة الطفولة الهاربة. ومع أن الكتاب ينكر، في صياغته األكاديمية الصرفة، هذا الميل الخفي "للعب الطفولي"، الا انني كثيرا كتابته ذلك االحساس الذي كان يعتريني وأنا أرتب غرفة أطفالي ً ما استعدت في أثناء ولعبهم... بأنني ألعب. أو عندما كنت ارافقهم لحضور مسرحية لألطفال... بأنني أشاهد مسرحية لي. الطفولة، ذلك العالم الهانئ )حتى ولو قالت لنا المعارف التربوية أنه ليس كذلك(، أخشى انها صارت بالتالشى شيئاً فشيئا،ً ليس على الصعيد الشخصي وإنما إيضاً على آخذاً عالما الصعيد العام. لا سيما ً في ثقافتنا العربية التي تضيَق ألكثر الحدود مجال الطفولة. ال لغة معترف بها لألطفال، ال ثقافة بهم. خاصة بهم، ال علماًمعنياً هل لذلك عالقة بالعنف المتزايد؟ بالتقهقر المتزايد؟ جيداً نعم بالتأكيد. ليس لثقافة أن تكبر بشكل سليم دون أن تكون "طفولتها" مرعية . ونحن، المنتمون إلى اللغة العربية، بعيدون عن االعتناء بأطفالنا. يكفينا أن نلقي نظرة على شوارعنا، على مؤسساتنا، على نتاجاتنا الثقافية، على برامجنا التلفزيونية، على إصداراتنا البحثية... لنعلم كم أننا ندخل في الكهولة من دون تفكير بالغد، أي بدون تفكير بالطفولة. إن الجواب الذي أميل إليه أكثر، أن هذا الكتاب الصغير هو مساهمة في إعالء شأن لحظة الطفولة، وسيكون من باب التكريم له أن يستوي بين الكتب المتخصصة باألطفال، وأن يؤسس لكتب أخرى.