مقابلة مع الرئيس التنفيذي لشبكة «حرّاس»
استكمالاً لسلسلة اللقاءات التي تجريها «الشبكة العربية للطفولة المبكرة» في سياق متابعة كارثة الزلزالَين الأخيرين اللذين ضربا جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، وأثرهما على العائلات والأطفال في المناطق المنكوبة، كان للـ«الشبكة» لقاء مع رياض النّجم، الرئيس التنفيذي لشبكة «حرّاس»، المعنيّة بتقديم الحماية والرعاية لأطفال سوريا.
«طبيب نفسي واحد»
منذ ما قبل وقوع الزلزال، تعاني منطقة شمال غرب سوريا غير الخاضعة إلى سيطرة الحكومة السورية، من محدودية الخدمات وعدم توفّرها لجميع السكان، وذلك على الرغم من جودة بعضها بالمقارنة مع تلك التي كانت تقدّمها الحكومة السورية. يشرح النجم أنّ سبب ذلك يرجع إلى محدودية التمويل وحصريّته، و«حجم المشروع المقدّم من جهة معيّنة، وما الأماكن التي يُسمح للمنظمات الوصول إليها وتلك الممنوعة عنها».
وخلال العقد الماضي، كان الأطفال من أكبر المتضررين من الحرب والأزمة الاقتصادية المتمادية، وقد «تمّ حرمانهم من حقوقهم وعلى رأسها التعليم بسبب اضطرارهم إلى العمل بعد فقدان المعيل في الأسرة، بالإضافة إلى مشكلة التجنيد والزواج المبكر عند الفتيات». يوضح النجم أنّ هذه الأزمات وغيرها «تنعكس بشكل أساسي على حالة الأطفال النفسية وقدرتهم على التمييز بين ما هو طبيعي والوضع الحالي»، مشيرًا إلى أنّ «التدخل يكون في الجانب النفسي من قِبل قطاعين أساسيّين هما: الحماية والصحة، إلا أنّ القطاعين يعانيان من المحدودية نفسها التي تعاني منها بقية القطاعات لذا فإنّ المنظمات التي تُعنى بحماية الطفل، ومنها حُرّاس، لا تملك قدرة الوصول إلى كلّ الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم نفسي».
يفصّل النجم أنّ «المحدودية تتعلّق بالموارد المتوفرة: على مستوى التمويل والموارد البشرية، ففي شمال غرب سوريا هناك على الأرجح طبيب نفسي واحد وثلاثة أخصائيين نفسيين، وهو عدد غير كافٍ بالطبع». ويتابع: إنّ خدمات الدعم النفسي التي تقدّمها منظمات الحماية، ومنها «حرّاس»، عادةً ما تكون على مستويات عدّة: «الأول، مستوى إعادة التأهيل ويتم تقديمه إلى جميع الأطفال الذين يتلقون خدمة معينة. والثاني: الـStructured Group Therapy (العلاج النفسي الجماعي) والذي يتمّ تقديمه إلى مجموعة من الأطفال لمدة معينة عبر عدة جلسات ذات هدف محدّد. أما المستوى الثالث فهو الـindividual therapy (العلاج الفردي) والذي يُقدَّم من خلال مختصّ نفسي، كما يمكن الاستعانة بطبيب نفسي».
على أنّ التحدي الأساسي «يتعلّق بالمجتمع، فالمجتمع العربي عمومًا يعاني من مشكلة عدم التعامل مع حاجة الدعم النفسي وجلسات العلاج النفسي بصفتها حاجة طبيّة»، أما تعامل منظمات الحماية مع هذا العائق فيكون عبر «توعية الأهل والأطفال».
وعن إشكالية المساعدات الدولية بعد تعهّد المجتمع الدولي العام الماضي برفع مستوى تمويل العمليات الإنسانية، يوضح النجم أن «التمويل كان إلى تقلّص منذ ما قبل وقوع الزلزال». وبينما توجد «صعوبةٌ في إمكانية تقييم تلك المساعدات في ظلّ غياب آليّة رقابة واضحة من قِبل المموّلين»، يشير النجم إلى أنّه «خلال العام الماضي تمّ تقديم الكثير من الـbridges ، لكن لا توجد آلية لمعرفة أيّ دولٍ وفَت بوعدها وأيّها لم تفعل، كما أنّ الـbridges ليست محصورة بسوريا، بل مقدَّمة إلى الأزمة السورية ككلّ، وبالتالي فإن جزءًا كبيرًا من الأموال يتوجه إلى تركيا ولبنان والأردن. ومع غياب الشفافية، من الصعب تحديد أين صُرفت الأموال وعلى أيّ برامج. وبسبب غياب التمويل، توقّف الكثير من المنظمات الإنسانية عن العمل».
إلى ذلك، يتحدث النجم عن صعوبة الأوضاع التي يعيشها اللاجئون السوريون في تركيا منذ ما قبل وقوع الزلزال، فهؤلاء «لا ينطبق عليهم القانون الدولي الإنساني كلاجئين لأن الحكومة التركية لم تعترف بهم كلاجئين بهدف التهرّب من حقوقهم»، موضحًا أنّ اللاجئين هناك لا يحصلون مثلاً «على وثيقة سفر، والتي يجب أن يحصل عليها اللاجئ بموجب القانون الإنساني، ولا يملكون حرية التنقل داخل تركيا، كما أنهم يتعرّضون إلى الترحيل التعسفي. بالإضافة إلى ذلك، هناك تشديدٌ كبيرٌ على تشغيل السوريين في سوق العمل على الرغم من أنه يحق لهم ذلك، لذا غالبًا ما يعملون بشكل غير قانوني، ناهيك عن أنهم محرومون من أبسط حقوق العمّال من تأمين صحّي وتقاعد».
شلل دولي وازدواجية معايير
يقدّم النجم نقدًا لاذعًا للاستجابة الدولية للزلزال في سوريا فيصفها بـ«السيئة للغاية»، مؤكدًا أنها «لم تكن بحجم الكارثة». كما يوضح أنّ «آليات التنسيق الدولية، والتي كان من المفترض أن تباشر بالاستجابة للمتضررين، كانت مشلولة»، متحدثًا عن «خيم ومعونات وسلل غذائية وحماية كانت موجودة داخل المستودعات وكان يُفترض أن يتمّ توزيعها لكنها لم تتحرّك».
يؤكد النجم وجود «ازدواجية معايير واضحة في التعامل الدولي مع تركيا وأماكن سيطرة الحكومة السورية من جهة، حيث كانت تدخل القوافل والطائرات، وشمال غرب سوريا من جهة ثانية»، مشددًا على أنه بالطبع ليس ضدّ هذا الأمر «فأهلنا موجودون في تلك المناطق ويحتاجون إلى المساعدة»، لكنّه يعتبر في الوقت نفسه أنّ «المجتمع الدولي قد نَسي شمال غرب سوريا» ويتابع «كان لدى الفئة الأكبر من الناس انطباع بأنّ المجتمع الدولي خذلنا سابقًا وسيخذلنا الآن». ويشير في السياق نفسه إلى أنّ «الحكومة التركية لم تساعد في دخول المساعدات إلى سوريا».
ووسط هذه العوائق والصعوبات «لمعت المنظمات السورية المحلية في الاستجابة والتحرك السريع مع أنها كانت من أكبر المتضررين»، يقول النجم، معتبرًا أنها «تمكنت من تقديم خدمات رائعة للغاية، مثل الدفاع المدني الذي كانت استجابته أفضل من استجابة فرق الإنقاذ التركية في تركيا، والتي لم تبدأ العمل إلا بعد فترة طويلة من الزلزال».
وبينما يعتبر النجم أنه «لا يمكن التنبؤ كيف سيكون الوضع مستقبلاً لأن التطورات السياسية التي ستحصل خلال الفترة المقبلة لها تأثير كبير على ما سيحصل خلال العامين المقبلين»، يلخّص أبرز أبرز الاحتياجات على المديين القصير والطويل الأمد وطرق التعامل معها في النقاط الآتية:
(يمكنكم الاطلاع على تقرير عن وضع المدارس بعد الزلزال المدمر وضعته مديريات التربية في حلب وإدلب عبر الرابط الآتي:
تقرير الأبنية المدرسية (AR -EN).pdf)
وفي السياق، يتحدّث النجم عن «خطة الاستجابة للزلازل» التي وضعتها «حرّاس» لمدة عام والتي تتحدث عن السياق والخدمات الموجودة بالإضافة إلى الاستجابة التي سيتم العمل عليها خلال العام المقبل. وأبرز الإجراءات التي تمّ اتخاذها للتّخفيف من حدّة الأزمة وضمان بقاء الأطفال وأسرهم وسلامتهم وحمايتهم وإمكانية حصولهم على التعليم هي على الشكل الآتي:
يمكنكم الاطلاع على الخطة عبر الرابط الآتي:
EQ emergency response strategy_HRS.docx.pdf