التكيف و الكفاءة في الطفولة المبكرة
مقدمة :
التكيف و الكفاءة في الطفولة المبكرة
على عكس غيرهم من الأجناس، تبدأ الكائنات البشرية حياتها وهي تعتمد اعتماداً كلياً على الآخرين.
تعالوا نفكر في الأمر: العجل الرضيع يقف فوراً بعد الولادة على ساقين مهتزتين ويسعى إلى حلمة أمه. وقد تتمتع كائنات أخرى بالقدرة على الكثير من التواصل مع أهلها بعد الولادة، وقد لا تتمتع بذلك بتاتاً.وكما أشار ستيوارت شانكر في وحدة "نمو الدماغ" (نمو الدماغ، ص 10) فإن الرضيع البشري هو أساساً "جنين خارج الرحم". فنحن غير مجهزين بنوع غرائز البقاء والقدرات التي تميز معظم الأجناس الأخرى. ولكننا تعلمنا أيضاً في وحدة نمو الدماغ أن أدمغتنا تتطور أضعافاً مضاعفة بعد الولادة، لا سيما خلال الأشهر والسنوات القليلة الأولى من الحياة. لأننا خلال هذا الوقت، نقوم ببناء قدراتنا على مواجهة التحديات ونضع الأساس لقدراتنا على المعرفة والتحرك والتعامل مع الآخرين.
تطوير الكفاءة الاجتماعية
الأطفال الصغار هم كائنات اجتماعية منذ البداية، وهم مستعدون في الأساس، للتفاعل مع الآخرين عند الالتقاء بهم. وهم يتعلمون دائماً من هذه اللقاءات.
حتى المواليد الجدد يتوجهون نحو الوجوه والعيون والأصوات البشرية، وهم يتفاعلون مع الناس، ويعطون إشارات عن حاجاتهم، ويستدعون استجابات راعية.
في حين قد لا يتمتع المواليد بمهارات البقاء التي تتمتع بها الأجناس الأخرى، فإن الأطفال الصغار يتمتعون بتشكيلة واسعة من القدرات، كالانتباه الشديد للآخرين والتفاعل معهم. ومع أن الحواس الخمس لا تكون متطورة بشكل كامل، إلا أنها موجودة عند المولود الجديد، فهو يستطيع أن يسمع ويرى ويلمس ويشم ويتذوق. المولود الجديد يبكي عندما يكون غير مرتاح، وهو يشير بذلك بشكل واضح إلى حاجاته. وسريعاً ما تبدأ العينان بترصد حركات الآخرين، ويتعلم التعرف إلى الأصوات والوجوه والروائح، وتصبح مناطق مختلفة من الدماغ متخصصة في التعرف على العالم الاجتماعي والانخراط به.
مولودون لكي يتواصلو:
![](https://www.anecd.net/wp-content/uploads/2024/03/secd.png)
يولد الأطفال ولديهم حاجة بيولوجية واستعداد للتواصل مع الآخرين. فالرضيع جاهز ليكون معيناً بالوجوه من حوله، ويمكنه أن يبادر إلى تبادل شكل من أشكال التواصل مع الآخرين.
إنها الرقصة الفعالة والقوية بين الرضيع ومقدم الرعاية التي تدفع بالطفل نحو العلاقات وتحفز تطور الدماغ.
كما تمت مناقشته في وحدة تطور الدماغ، في وقت مبكر من الحياة، تصبح مناطق مختلفة من الدماغ متخصصة في التعرف على العالم الاجتماعي والمشاركة فيه. يدخل الأطفال حديثو الولادة إلى عالم اجتماعي معقد لكنهم جاهزون؛ يتعلمون بسرعة كيفية التعامل مع الناس واستخدامهم للتعرف على عالمهم. بعد حوالي عام ونصف، أصبح الأطفال أكثر استقلالية. يمكنهم التحرك بمفردهم ويبدأون في استخدام اللغة. كما يعلم الآباء ومقدمو الرعاية، فإن الأطفال في هذا العمر غالبًا ما يحددون أهدافهم الخاصة ويكونون حازمين جدًا في الرغبة في الاستمرار في تحقيق تلك الأهداف. غالبًا ما يؤكدون استقلالهم بكلمات "لا" أو "أفعل" أو "لي". ويعلنون استقلالهم.
قوة اللعب
ما هي صلة اللعب بالتكيف والكفاءة؟ أليس من المنطقي التركيز على تعليم الأطفال المهارات منذ الصغر؟ في الواقع، الأطفال الصغار لا يتعلمون بشكل أفضل من خلال اللعب فحسب، بل أيضا هم يجدون طرقًا للتعامل مع المخاوف والغضب والمشاعر القوية الأخرى. بين سن السنة والسادسة، يشكّل اللعب الطريقة الرئيسية التي يتفاعل بها الأطفال مع العالم. اللعب هو ببساطة ما يفعله الأطفال، كيف يتعلمون عن العالم من حولهم، كيف يحلون المشكلات ويطورون مهاراتهم ويخلقون عوالم خيالية ويكوّنون صداقات ويكتشفون جميع أنواع الأشياء الجديدة والمثيرة للاهتمام. إن اللعب ممتع ومُرضي وضروري للأطفال. إذا لم يكن لدى الأطفال ما يكفي من الوقت والمساحة والفرصة للعب، فلن يتمكنوا من النمو على النحو الأمثل.
مسابقة تفاعلية تسترجع ما تم ايراده أعلاه
أساس الصحة النفسية
إن التكيف والكفاءة هما أساس الصحة النفسية لدى كل من الأطفال والبالغين. تعد مشاكل الصحة النفسية لدى الأطفال مصدر قلق متزايد ويمكن أن تشمل الجوانب الاجتماعية والعاطفية والسلوكية:
- المشاكل السلوكية (خارجيا) تشمل العدوان وفرط النشاط واضطراب التحدي الاعتراضي.
- المشاكل العاطفية (داخليا) تشمل القلق والمخاوف والرهاب لدى الأطفال الأصغر سنا، والاكتئاب والقلق لدى الأطفال في سن المدرسة.
غالبًا ما تبدأ مسارات الصحة النفسية السيئة في وقت مبكر من الحياة عندما يتم إنشاء الدوائر العصبية وأنماط التفاعلات. يتفق الباحثون على أن جودة العلاقات المبكرة هي المفتاح لتوسط قدرات الأطفال الصغار الناشئة على التكيف.
إراحة الطفل الصغير:
هذه الطفلة، عمرها حوالي ستة شهور، وقد أحضرتها أمها للفحص الدوري في عيادة الطبيب المحلي. شاهدوا الفيديو بانتباه، وسجلوا ملاحظات، إذا لزم الأمر، عن العلاقات الدينامية المتميزة بالقوة والنشاط بين الأم والطفل، وسجلوا ملاحظاتكم على المشهد، ثم أجيبوا عن الأسئلة.
يجسد هذا المشهد مثالاً رائعاً على الرعاية المتجاوبة:
التناغم والتعلق:
التناغم يصف كيف يتفاعل الوالدان ومانحو الرعاية الآخرون مع إشارات الرضيع.
التعلق يصف الصلات العاطفية الحميمة التي يبنيها الرضع مع أهلهم ومع مقدمي الرعاية الآخرين الأساسيين، التعلق هو كلمة أخرى للحب.
المشهد الذي رأيتموه للتو عن الأم التي تريح طفلتها في عيادة الطبيب يجسد مثالاً رائعاً على التناغم والتعلق: كانت الأم متجاوبة للغاية مع إشارات الطفلة، فقد علمت أن الطفلة بحاجة إلى أن تحمل، فحملتها وعيناها بعيدتان عن الطبيب وطاولة الفحص، وهزهزتها بهدوء. من جهتها، توقفت الطفلة عن البكاء بمجرد أن حملتها أمها، فقد أدركت أن امها ستقوم بما هو مناسب من اجل تأمين ما تحتاج إليه في هذه اللحظة. توصف علاقة التعلق غالباً بالرقصة التي يتناغم فيها الشركاء مع بعضهم بعضاً.
علاقات التعلق:
ما رأيكم في تعدد مقدمي الرعاية؟
مع أن التعلق بالشخص الذي يقدم الرعاية جانب أساسي (مهم للغاية على الأقل) فالكثير من الأطفال يكبرون وهم محاطون بالعديد من الناس الذين يهتمون بهم، كأفراد العائلة الممتدة بشكل عام، أو أشخاص من دوائر محيطة أخرى.