نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

اليمن: ملايين الأطفال يطلبون المساعدات  

 

لقد كان اليمن من بين أفقر الدول في العالم العربي حتى قبل اندلاع الحرب أوائل عام 2015، وكانت أوضاع الأطفال فيه متدهورة. وبعد مرور أكثر من تسع سنواتٍ على الحرب، وعلى الرغم من انخفاض حدّة المعارك منذ عامَين، ما زال وضع الأطفال على المحكّ. مِن سقوط الكثير منهم ضحايا نتيجة مخلّفات الحرب واستمرار القتال المتقطّع، إلى الأزمة الاقتصاديّة وانتشار الأوبئة والأمراض والنزوح وسوء التغذية والحرمان من التعليم والمسكن اللائق والدعم النفسي والاجتماعي وغيرها من الحقوق الأساسيّة التي تضمنُها شرعةُ حقوق الطفل.

منذ اندلاع الحرب على اليمن، قُتل أو أصيب أكثر من 11,500 طفل لأسباب مرتبطة بالحرب. من بين هؤلاء 3,900 قتيل و7,600 جريح، وفق تقديرات «اليونيسف» نهاية آذار/ مارس 2024. يأتي ذلك بينما يسقط الكثير من الأطفال نتيجة استمرار القتال المتقطّع وتبادل إطلاق النار في أجزاء كثيرة من البلاد، وبسبب الألغام الأرضيّة والمتفجّرات من مخلّفات الحرب.

على المستوى الغذائي، يعاني ملايين الأطفال اليمنيّين، منذ سنوات، من انعدامٍ حادٍّ في الأمن الغذائي، وسط تحذير منظّماتٍ دوليّةٍ من انزلاق البلاد إلى المجاعة. وكانت الأمم المتّحدة قدّرت مطلع العام الحاليّ أنّ 17.6 مليون شخص سيواجهون انعدام الأمن الغذائيّ الحادّ خلال 2024، مشيرةً إلى أنّه من أعلى معدّلات سوء التغذية المسجّلة على الإطلاق. في الإطار، أوضحت «اليونيسف» أنّ أكثر من 2.7 مليون طفل يعانون حاليًّا من سوء التغذية الحادّ، بينما يعاني 49% من الأطفال دون سنّ الخامسة من التقزّم أو سوء التغذية المزمن. 

مصدر الصورة: اليونيسف

وتشير المنظّمة، عبر موقعها الرسميّ، إلى أنّ «15% فقط من الأطفال (في اليمن) يتناولون الحدّ الأدنى المقبول من الغذاء الذي يحتاجونه لأجل بقائهم على قيد الحياة ونموّهم وتنميتهم». وتحذّر من أنّ «الوضع التغذوي للنساء في سنّ الإنجاب يُعتبر أمرًا يبعث على القلق الشديد»، موضحةً أنّه «لم يطرأ منذ العام 1997 أيّ تحسّن على الحالة التغذوية للنساء (في اليمن) إذ يُعاني ربعهنّ من الإصابة بسوء التغذية، ما يؤدّي لدى الأمّهات والحوامل إلى ارتفاع خطر التعرّض للآثار الناجمة عن اعتلال الحمل بما في ذلك تعسّر الولادة أو ولادة الخدّج أو انخفاض وزن المواليد وحالات النزيف بعد الولادة». 

يأتي ذلك في وقتٍ تعرّض النظامُ الصحّيّ في اليمن إلى دمارٍ هائلٍ على مدار سنوات الحرب ما أدّى إلى تعطيل الخدمات الأساسيّة في المرافق الصحّية. في الإطار، توضح «اليونيسف» أنّ تفشّي الأمراض الوبائيّة والأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل الكوليرا والدفتيريا يبيّن مدى خطورة ما يمرّ به قطاع الصحة العامّ. كما تحذّر من أنّ «نقص التمويل يعرّض 1.7 مليون طفل يمني لخطر الإصابة بالأمراض المعدية بسبب عدم كفاية فرص الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي». ومع عجز النظام عن معالجة تزايد ظهور الأمراض، تكافح الأسر للحصول على الرعاية الطبية الأساسيّة، وفق تأكيد «منظمة الصحة العالمية».

مصدر الصورة: اليونيسف

أمّا على المستوى التعليمي، فهناك حاليًّا أكثر من 4.5 ملايين طفل خارج المدرسة، وفق تقديرات «اليونيسف» في أيار/ مايو الحاليّ. وتتوقّع المنظّمة، عبر موقعها الرسميّ، أن يصل عدد الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات التي تلحق تعليمهم إلى 6 ملايين طالب وطالبة. يأتي ذلك في وقتٍ يُخلّف تعرّضُ أطفال المدارس والمعلّمين والبنية التحتيّة التعليميّة إلى الهجمات منذ بداية الحرب آثارًا مدمّرةً على النظام التعليمي في البلاد وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم، وفق «اليونيسف». 

وكانت المنظّمة الدوليّة ذكرت في إحصاءاتٍ سابقة أنّ 2916 مدرسة (واحدة على الأقلّ من بين كلّ 4 مدارس) دُمّرت أو تضرّرت جزئيًّا أو تمّ استخدامها لأغراض غير تعليميّة. ومن الأزمات التي تُثقل الهيكل التعليمي في اليمن وفق «اليونيسف»: 

  • عدم حصول أكثر من ثلثَي المعلّمين/ ات على رواتبهم/ نّ بشكل منتظم منذ عام 2016 أو انقطاعهم/ نّ عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرّة للدخل.
  • النزوح المتكرّر للأطفال وأهاليهم وبُعد المدارس.
  • المسائل المتعلّقة بالسلامة والأمن، بما فيها مخاطر المتفجّرات ونقص المعلّمات (يبلغ عدد المعلّمين الذكور 80%).
  • عدم إمكانية الوصول إلى مرافق المياه والصرف الصحّي التي تراعي الفوارق بين الجنسين.  
  • مخاطر تسرّب الفتيات من المدارس بسبب تعرّضهنّ للزواج المبكّر والعنف الأسري، في حين يكون الفتيان المنقطعون عن الدراسة أكثر عرضةً للتجنيد في صفوف الجماعات المسلّحة.

باختصار، بعد مرور أكثر من تسع سنوات على حرب اليمن، ما زال هناك حوالي 18.2 مليون يمني، أي حوالي نصف عدد السكان، من بينهم حوالي 10 ملايين طفل، بحاجة ماسّة إلى المساعدات. انطلاقًا من هذا الوضع المأساويّ، علَت أصواتُ 188 منظّمة إنسانيّة، بينها وكالات أمميّة، للمطالبة بمعالجة فجوات التمويل القائمة في اليمن. وأطلقت في 6 أيار/ مايو الحاليّ نداءً عاجلاً لتقديم 2.3 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2024.