نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

غزّة: إسرائيل تَقتل حديثي الولادة بسلاح البرْد

 

8 كانون الثاني/ يناير 2025

 

«من المتوقّع بشكلٍ مأساويّ أن يفقد المزيد من الأطفال حياتهم بسبب الظروف غير الإنسانيّة التي يعانون منها، والتي لا توفّر لهم أيّ حماية من البرد» (اليونيسف). 

تمامًا كما توقّعت منظّمة «الأمم المتّحدة للطفولة» (اليونيسف) وغيرُها من المنظّمات الإغاثيّة وتلك المعنيّة بالطفولة، يرتفع يومًا بعد يوم عدّادُ الأطفال حديثي الولادة الّذين يفقدون حياتهم في قطاع غزّة جرّاء «الظروف غير الإنسانيّة التي يعانون منها، والتي لا توفّر لهم أيَّ حمايةٍ من البرد». هذه الظروف تخلقها إسرائيل التي تُبقي «الإمدادات التي من شأنها حمايتهم (الأطفال) عالقةً في المنطقة منذ أشهر في انتظار موافقتها (السلطات الإسرائيليّة) على إدخالها إلى غزّة»، وفق منظّمة «الأونروا».

يوسف أحمد أنور كلوب، الذي لم يتجاوز عمره 35 يومًا وتوفّي يوم الاثنين 6 كانون الثاني/ يناير الحالي، واحدٌ من ثمانية أطفالٍ تجمّدوا حتّى الموت نتيجة البرد القارس ومنع الاحتلال إدخال المساعدات اللّازمة. قبلَه، حاولت والدةُ التوأم جمعة وعلي البطران إيقاظهما في خيمتهما المهترئة بدير البلح، فلم يستجيبا. توفّي الطفل جُمعة على الفور وقد تحوّل إلى قطعة خشبٍ باردة، ليلتحق به شقيقُه في اليوم التالي. خلال أسبوعٍ واحدٍ فقط، توفّي نتيجة البرد القارس إلى جانب التوأم حديثو ولادةٍ آخرون هم عائشة القصّاص (21 يومًا) وعلي عصام صقر (23 يومًا) وعلي حسام عزّام (4 أيام) وسيلا الفصيح (14 يومًا).

تُجمع المنظّمات الدوليّة ومنظّمات الأمم المتّحدة على العرقلة الإسرائيليّة لوصول المساعدات، وهي السياسة المتّبعة منذ بدء الإبادة. وفي السياق، كانت «المنظّمة الدوليّة للهجرة» قد شدّدت على أنّ «الوفيّات بسبب الشتاء يمكن تفاديها»، مشيرةً إلى أنّها سلّمت «ما يقرب من 180 ألف عنصر من عناصر المأوى الطارئ للشركاء داخل غزّة (مجموعة تنسيقيّة للأمم المتّحدة والمنظّمات الإنسانيّة الدوليّة والمحليّة) منذ منتصف تشرين الأول/ نوفمبر، و(أنّ) لديها أكثر من 1.5 مليون وحدة من الإمدادات الشتويّة الأخرى- بما في ذلك مجموعات العزل والخيام ومجموعات الفراش- جاهزة في المستودعات ونقاط الدخول، لكنّ القيود الشديدة على الوصول تمنعها من الوصول إلى المحتاجين». وهو ما يؤكّده المفوّض العامّ لـ«الأونروا» فيليب لازاريني الذي قال «لا تزال البطانيّات والفرش وغيرها من المستلزمات الشتويّة عالقة في المنطقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على إدخالها إلى غزة». كما أوضح «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة» (UNOCHA) أنّ «القيود المنهجيّة المفروضة على الوصول أعاقت بشدّة توصيل المساعدات، حيث لم يتلقَّ سوى 285 ألف شخص دعمَ المأوى منذ أيلول/ سبتمبر الماضي». وقدرّت مجموعة المأوى أنه حتّى منتصف شهر كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، «لا يزال ما لا يقلّ عن 945 ألفًا من سكّان غزّة في حاجة ماسّة إلى مساعدات لمواجهة فصل الشتاء، بما في ذلك الملابس الحراريّة والبطانيّات والأقمشة المشمّعة لعزل الملاجئ عن المطر والبرد».

وبينما نفقد الأطفال وحديثي الولادة في القطاع، وفي ظلّ أمسّ الحاجة إلى تدفّق المساعدات الشحيحة أصلاً، يتّجه الاحتلالُ إلى تنفيذ مشروع قانون الكنيست الذي من المقرّر أن يحظر عمل وكالة «الأونروا» في فلسطين المحتلّة ويدخل حيّز التنفيذ خلال أقلّ من أربعة أسابيع. وفي الإطار، أكّد لازاريني على أنّ هذا الفعل جزء «من جهود أوسع لمحو التاريخ والهويّة الفلسطينيّة».

يأتي كلّ ذلك في سياق الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة بحقّ أهل القطاع وأطفاله والتي أتمّت شهرها الخامس عشر. وبينما تتحدّث الإحصائيّات الرسميّة الفلسطينيّة عن أكثر من 160 ألف شهيد وجريح وعشرات المفقودين، غالبيّتهم العظمى نساء وأطفال، تشير منظّمات دوليّة وأطبّاء يعملون أو عملوا في القطاع إلى أنّ أرقام الضحايا من شهداء وجرحى ومفقودين أعلى من ذلك بكثير.

ومنذ 6 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024 يشنّ جيش الاحتلال هجومًا بريًّا ويفرض حصارًا مشدّدًا على شمال غزّة، وسط انعدام شبه تامّ للمساعدات الإنسانيّة التي تدخل المنطقة وانقطاع شديد في الاتصالات والانترنت. وفي الإطار، أفاد «مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة» بأنّ «الأمم المتّحدة حاولت الوصول إلى المناطق المحاصرة في شمال غزّة 164 مرّةً في الفترة ما بين 6 تشرين الأوّل/ أكتوبر ولغاية 30 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وقد رفضت السلطات الإسرائيليّة 148 محاولة من هذه المحاولات وعرقلت 16 محاولة».

ويسري الأمر نفسه على أقصى جنوب القطاع حيث أشار المكتب إلى أنّ «المساعدات المنسّقة إلى مناطق في محافظة رفح واجهت تحدّيات مماثلة إذ تمّ رفض 36 طلب تنسيق من أصل 38 تمّ تقديمها إلى السلطات الإسرائيليّة بين 1 و30 كانون الأوّل/ ديسمبر، في ما تمّ منع طلب واحد وواجه طلب آخر إعاقات».

إلى ذلك، يستمرّ الأمن الغذائي بالتدهور خصوصًا لدى الأطفال والنساء. ولا يحصل أكثر من 96% من جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرًا والنساء الحوامل والمرضعات على  احتياجاتهم الغذائيّة الأساسيّة، مع ملاحظة تدهور حادّ في التنوّع الغذائي خلال الأشهر الأربعة الماضية، لا سيّما في دير البلح وخان يونس، وفق «اليونيسف».