نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

لبنان: إسرائيل تخرق الهدنة وتستمرّ باستهداف الأطفال والعائلات

 

إعداد: قسم الإعلام والتّواصل في «الشبكة العربيّة للطفولة المبكّرة»
6 شباط/فبراير 2025


في نقضٍ فاضحٍ لاتّفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وفي خرقٍ للقوانين الإنسانيّة والمواثيق والاتفاقيّات والمعاهدات، تستمرّ إسرائيل بالقصف والقتل والتدمير الممنهج للوحدات السكنيّة ونسف قرى بأكملها ومحاولة سلب العائلات حقَّها في العودة إلى بيوتها عبر استمرار احتلال بعض القرى في الجنوب وأسر مدنيّين واستهداف العائلات العائدة ما أدّى إلى سقوط 24 شهيدًا و140 جريحًا، على الأقلّ، بينهم عشرات الأطفال، ناهيك عن ترهيب الأطفال عبر الطائرات المسيّرة وشنّ الغارات الوهميّة.

منذ سريان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وحتى تاريخه، ارتكب جيشُ الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقلّ عن 700 خرق، ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى بينهم نساء وأطفال. يأتي هذا بعد أشهر قليلة من حربٍ مدمّرة وسّعتها إسرائيل وارتكبت خلالها المجازر البشريّة والإبادة البيئيّة (Ecocide) و«إبادة المدن» (Urbicide) في محاولة لتفكيك النسيج الاجتماعي خدمةً لأهدافها العسكريّة والسياسيّة والديموغرافيّة، ما يُعَدّ خرقًا فادحًا للقانون الدولي الإنساني. خدمةً لتلك الأغراض وغيرها، استهدفت إسرائيل المدنيّين العزّل بشكل مباشر والعائلات والأطفال والنازحين داخل مراكز الإيواء والبنى التحتيّة والأراضي الزراعيّة والمرافق الصحيّة وسيّارات الإسعاف والإطفاء والمواقع الأثريّة ودور العبادة والكوادر الطبيّة والإغاثيّة والتعليميّة والصحافيّة والجيش اللبناني وقوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة في لبنان (اليونيفل) وموظّفي/ات الأمم المتّحدة، واستخدمت الفوسفور الأبيض والقنابل العنقوديّة. كما خضع سكّان 25% من الأراضي اللبنانيّة إلى إنذارات إسرائيليّة بالإخلاء، بحسب «مفوّضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين». وقد وصفت «منظّمة العفو الدوليّة» هذه الإنذارات بـ«المضلّلة وغير الكافية». 

أسفرت الحرب عن حوالي 4 آلاف شهيد، مع معدّل ثلاثة أطفال يوميًّا، و16,600 جريح بينهم عددٌ كبيرٌ من النساء والأطفال، ونزوح حوالي مليون ونصف المليون شخص. ولا يجب التغافل عن الجريمة ضدّ الإنسانيّة التي ارتكبتها إسرائيل عبر زرع متفجّرات داخل أجهزة اتّصالات «البيجر» وأجهزة الاتّصالات اللاسلكيّة (Walkie-talkies)، ما أسفر عن عشرات الشهداء المدنيّين وتشويه المئات، بينهم أطفال.

منذ ما قبل توسّع الحرب، سلّطنا في «الشبكة العربيّة»، ومركزُنا بيروت، الضوءَ على الجرائم الإسرائيليّة بحقّ الأطفال والعائلات، ودعونا إلى الوقف الفوريّ لإطلاق النار. أتى ذلك في ظلّ اهتمامٍ غير كافٍ ناله أطفالُ لبنان على المستويات المختلفة وسط الحرب وبعدَها، الأمر الذي وصفته «اليونيسف» بـ«التطبيع الصامت للرّعب». كما استمرّينا في العمل ضمن ظروفٍ صعبةٍ للغاية على الرغم من أنّ أفرادًا ضمن طاقمنا وعائلاتهم قاسوا النزوح وفقدانَ البيوت والأحبّة. وسنواصل ما استطعنا العملَ على تبيان الظروف القاسية التي يعيشها أطفالُ بلداننا المليئة بالأزمات والنزاعات.

 

الظروف الحاليّة والتحدّيات

بينما تبعث الهدنة الممدَّدة حتى 18 شباط/ فبراير على الأمل، ما زال الوضع العامّ هشًّا والوضعُ الإنسانيّ كارثيًّا، خصوصًا للأطفال:

  • آلاف الجرحى من الأطفال والأمّهات والحوامل والمرضعات والكوادر الطبّية والإغاثيّة والتعليميّة.
  • بسبب الدمار الهائل واستمرار الخروقات الإسرائيليّة من جهة، وبطء عمليّة إعادة الإعمار من جهة أخرى (مع تواصل عمليّة مسح الأضرار)، مئاتُ العائلات ما زالوا في ملاجئ مؤقّتة ومكتظّة تفتقر إلى الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة، وآلافُ الأطفال ما زالوا بعيدين من بيوتهم وقراهم.
  • انطلاقة متعثّرة ومليئة بالتحدّيات للعام الدراسي الحالي نتيجة الضرر الذي طال القطاع التربوي بسبب الهجمات الإسرائيليّة:
  • آلاف التلامذة ما زالوا محرومين من الوصول إلى حقّهم في التعليم بشكلٍ متساوٍ، خصوصًا في القرى الجنوبيّة الحدوديّة، في ظلّ:
  • وجود عشرات المدارس المدمّرة أو شبه المدمّرة.
  • استمرار الاحتلال الإسرائيليّ لعددٍ من القرى الجنوبيّة الحدوديّة والتهديد الإسرائيلي، ما يمنع التلامذة من العودة إلى المدارس التي قد تكون صالحة للاستخدام.
  • غياب خطّة واضحة ومنظّمة للتعليم عن بُعد تضمن وصولَ الأطفال إلى حقّهم في التعليم بشكلٍ متساوٍ، وظروفًا ملائمةً للكوادر التعليمية.
  • ضياع أشهر من العام الدراسي على التلامذة والكادر التعليمي، وتوثيق حالات تأخّر دراسي وقلق وخوف عميقَين بين التلامذة.
  • آلاف المفقودين من الأهل ما يخلّف أثرًا مهولاً على الأطفال والعائلات ورحلة التعافي.
  • ملايين الأطنان من الرّكام التي تحتاج إزالتها شهورًا طويلة.
  • مئات القذائف غير المنفجرة والتي بلغت حتى تاريخ وقف إطلاق النار 60 قذيفة، بحسب تقييم «المجلس الوطني للبحوث العلميّة».
  • تفاقم أزمة القطاعَين الصحّي والطبّي اللّذين يعانيان في الأصل، مع وجود مئات الشهداء والجرحى ضمن الكوادر الطبّيّة.
  • تعطيل النشاط الزراعي وتدمير نسبة كبيرة من الأراضي والمحاصيل الزراعية خصوصًا في جنوب لبنان، ما يعمّق انعدام الأمن الغذائي. يواجه ثلث سكّان لبنان حاليًّا انعدامًا في أمنهم الغذائي، بحسب أحدث تقييم لـ«منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة» (فاو). وما زال سوء التغذية يشكّل خطرًا كبيرًا في لبنان حيث يتّبع ثلاثة من كلّ أربعة أطفال دون سنّ الخامسة أنماطًا غذائيّةً ذات تنوّع ضئيل، ما يجعلهم عرضة للتقزّم والهزال.
  • تفاقم أزمة الصحّة النفسيّة مع حاجة جميع الأطفال في المناطق التي شهدت حربًا إلى دعم نفسي- اجتماعي. بحسب «اليونيسف»، يُظهر جميع الأطفال في لبنان علاماتٍ مقلقةً على الضيق النفسي والسلوكي والجسدي، وخوفًا من فقدان الأحبّة، ويرتبط الأخير عادةً بالحروب والنزاعات.
  • تأتي كلّ هذه الأزمات في ظلّ أزمة اقتصاديّة خانقة يعانيها لبنان منذ سنوات، ما يضاعف من حجم التحدّيات.


بناءً عليه، تدعو «الشبكة العربيّة» إلى:

  • حشد الدعم السياسي العالمي على المستويات المختلفة للضغط الفاعل باتّجاه:
  • انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القرى التي ما زال متمركزًا فيها، ومنعه من الاستمرار بخرق اتّفاق وقف إطلاق النار.
  • تضافر الجهود اللّازمة بهدف تبنّي نهج موحّد لحماية حقوق الأطفال بعيدًا من ازدواجيّة المعايير والأجندات السياسيّة، وإيلاء أطفال لبنان ومقدّمي/ات الرعاية لهم الاهتمام الكافي أسوةً بغيرهم من الأطفال.
  • تأمين تغطية كلفة الخسائر الأوّليّة المباشرة للحرب والتي تعدّت مليارات الدولارات.
  • تسريع عمليّة إزالة الأنقاض ومخلّفات الحرب، وتوفير برامج تعليميّة متخصّصة لمساعدة الأطفال على تجنّب مخاطر الذخائر غير المنفجرة.
  • تضافر جهود الجهات والمؤسّسات الفاعلة في قطاع تنمية الطفولة المبكّرة، المحليّة والإقليميّة والدولية، بهدف:
  • صياغة خطّة تدخّل متعدّدة الأبعاد تعمل على المستويين القصير والطويل الأمد، وتركّز على وضع أسس للتّعافي المستدام للأطفال ومقدّمي/ات الرعاية لهم في لبنان.
  • دعوة أصحاب المصلحة إلى الانضمام بهدف حشد الموارد لتوفير الإغاثة الفوريّة والمساعدات المنقذة للحياة وتأمين التعافي المبكّر والطويل الأمد للأطفال الصغار ومقدّمي/ات الرعاية.
  • تأمين أماكن سكن مؤقّتة بشكل مجّاني وفوريّ.
  • ضمان وصول الأطفال والأمّهات والمرضعات والحوامل إلى الرعاية الصحية اللازمة، وتأمين متابعة صحية متعدّدة الأبعاد للمرضى والجرحى وتزويد المستشفيات بالمعدّات اللازمة.
  • تلبية الاحتياجات الغذائيّة الكافية للأطفال الصغار والرضّع والحوامل والمرضعات منعًا لتفاقم أزمة الأمن الغذائي.
  • دعم أنظمة الرعاية البديلة في لبنان مع وجود آلاف الأطفال الذين فقدوا ذويهم.
  • تأمين عودة آمنة للأطفال الصغار إلى التعليم الحضوري، وتعويضهم عن الأشهر السابقة. والعمل في الوقت نفسه على دعم خطط التعليم عن بُعد وتأمين أدواته اللازمة.
  • تأمين دعم نفسي- اجتماعي لجميع الأطفال ومساعدتهم على التعافي، خصوصًا الأيتام والجرحى والذين بُترت أطرافهم. وتأمين الدعم النفسي للأهل ومقدّمي/ات الرعاية.

لقد كان عام 2024 أحد أسوأ الأعوام بالنسبة للأطفال في لبنان وكانت حقوقهم تُنتهك بشكل جسيم، وفق «اليونيسف». كابوسُ الأطفال في لبنان لم ينتهِ بعد. وكي لا يكون عامهم الحاليّ وأعوامهم المقبلة أكثر كارثيّة، وبينما يبدؤون في إعادة بناء حياتهم، علينا أن نقف إلى جانبهم لضمان تعافيهم واستعادة مستقبلهم.