غزة: خريطة تفاعليّة لحجم الدمار في القطاع التعليمي
«الأونروا»: لا مكان آمن في القطاع، ليس حتى في مدارسنا
منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، لم تسلَم مدارسُه الرسمية ولا تلك التابعة لـ«وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، شمالاً وجنوبًا، من القصف الإسرائيليّ. المدارس محميّة بموجب القانون الدولي الإنساني، ويُعتبر استهدافها انتهاكًا للقوانين والأعراف الإنسانية الدولية، وقد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية. وعلى الرغم من ذلك، لم يسلَم من الاستهداف في تلك المدارس أكثرُ من مليون و100 ألف مهجّر. لقد ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر بحقّهم في العديد من المؤسسات التعليمية، منها «مدرسة الفاخورة» التابعة لـ«الأونروا» في مخيّم جباليا شمال القطاع، والتي تعرّضت إلى القصف مرّتين خلال الحرب الحالية، وراح ضحيّة ذلك عشرات الشهداء. تعليقًا على المجزرة، قالت المتحدثة باسم المنظمة تمارا الرفاعي في حديثٍ تلفزيونيّ «لقد ظنّوا (النازحون) أنّهم قد يتمتّعون هناك (في مدارس الأونروا) ببعض الأمان، لكن لا يوجد مكان آمن في غزة، ليس حتى في مدارسنا». تقع هذه المدرسة في أكبر مخيّمات القطاع للّاجئين، وقد سبق أن تعرّضت إلى قصفٍ إسرائيلي خلال حروب 2009 و2014. ومن المجازر الإسرائيلية بحقّ القطاع التعليمي قصف مدرسة تابعة لـ«الأونروا» في مخيم المغازي وسط قطاع غزة والتي كانت تأوي 4000 مهجّر، بالإضافة إلى استهداف «مدرسة البراق» في مدينة غزة والذي راح ضحيّته العشرات. وقبيل إعلان الهدنة، ارتكب الجيش الإسرائيلي أحدثَ مجازره في «مدرسة أبو حسين»، التابعة لـ«الأونروا»، بمخيم جباليا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 30 شخصًا.
في المجمل، حتى تاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أحصت «الأونروا» 104 حوادث واعتداءات أثّرت على 82 من منشآتها، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقلّ عن 218 مهجّرًا فلسطينيًّا لجؤوا إلى الحماية هناك، وجَرحِ أكثر من 894. كما أسفرت الاعتداءات الإسرائيلية عن استشهاد 109 عمّال في «الأونروا» منذ بداية الحرب الحالية، في أعلى حصيلة لعاملين أمميّين يُقتلون في نزاعٍ واحدٍ خلال وقتٍ قصير في تاريخ الأمم المتحدة. وقد نُكّست الأعلامُ على مقارّ الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي حدادًا على أرواح العاملين.
حتى 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، تأوي 156 مدرسة لـ«الأونروا»، موزّعة على محافظات القطاع، بما فيها الشمال، حوالي 1.1 مليون مهجّر قسريّ من مختلف أنحاء القطاع من أصل أكثر من 1.8 داخل القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. هذا يتجاوز 80% من سكّان القطاع الذي يشكّل الأطفالُ ما لا يقلّ عن نصف سكّانه. يبلغ المعدّل الوسطي لعدد المهجّرين في منشآت «الأونروا» 9558 شخصًا، متجاوزًا أربعة أضعاف قدرتها الاستيعابية.
ومع تدمير نحو ربع مليون وحدة سكنية في القطاع، وتهجير الجيش الإسرائيلي سكان الشمال نحو الجنوب الذي يتعرّض بدوره، وكذلك منشآته التعليمية، إلى القصف، يستمرّ عدد المهجّرين بالارتفاع. وبحسب «الأونروا»، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر لجأ ما لا يقلّ عن 12 ألف نازح إضافي إلى ملاجئ المنظمة في المناطق الوسطى والجنوبية .
تدمير المكتبات
إلى ذلك، دمّرت الغارات الإسرائيلية المكتبة الرئيسية في قطاع غزة، المعروفة بمبنى المكاتب العامّة التابع لبلدية مدينة غزة. كانت المكتبة تُستخدم بشكل دوريّ من قبل أهل القطاع، بمن فيهم تلاميذ المدارس، وهي تحوي وثائق وكتبًا تاريخيةً مهمّة.
وقد دعت السلطات البلدية في غزة «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (الأونيسكو) إلى «التدخّل وحماية المراكز الثقافية وإدانة الاحتلال لاستهدافه هذه المرافق المحميّة بموجب القانون الدولي الإنساني».
وقد سبق للجيش الإسرائيلي أن استهدف مكتباتٍ عامّة في حروبٍ سابقة كحرب 2021 على قطاع غزة، والتي دمّر خلالها عددًا كبيرًا من المكتبات.
خريطة تفاعليّة
لإظهار حجم الخسائر على القطاع التعليمي بفعل القصف الإسرائيليّ، نشرت منظمة «اليونيسف» خريطة تفاعلية بأسماء المدارس الرسمية وتلك التابعة لـ«الأونروا» وفقًا لمحافظات القطاع وحجم الدمار الذي لحق بالمنشأة.
تستند المعطيات إلى التقارير الأوّليّة الصادرة عن «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة»UNOCHA) ) و«الأونروا» وبعض الشركاء حتى تاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، وتُظهر بالتفصيل أسماء المنشآت التعليمية التي تعرّضت إلى دمار وحجمَ الدمار الذي لحق بكلّ منشأة، بالإضافة إلى عدد التلاميذ والأساتذة المتضرّرين. تُبيّن الخريطة مثلاً أنّ عدد المدارس الرسمية وتلك التابعة لـ«الأونروا» المتضرّرة بشكل جزئيّ أو كبير في خان يونس، جنوب القطاع، يبلغ 63 منشأة، وفي رفح، جنوبًا أيضًا، 35 منشأة، مع أرجحيّة أن تكون الأعداد قد ارتفعت في أيّام الحرب التي لم تغطِّها الخريطة.
وبينما يرزح قطاع غزة تحت إبادةٍ جماعيةٍ تنتهك القوانين الدولية كافّة، وهدنٍ مؤقتة، كرّرت «اليونيسف» دعوتها إلى وقفٍ إنساني لإطلاق النار وحماية العاملين في مجال الإغاثة والأطفال وعائلاتهم.