نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

أطفال السودان يُقتلون بأعداد كبيرة ومرعبة: منظمات دوليّة تطالِب بحماية المدنيين واستقبال النازحين

 

على وقع الاقتتال الدائر في السودان منذ 15 نيسان/ أبريل 2023، تتّجه البلاد نحو كارثةٍ تفاقمت على إثرها الأزمات المتراكمة منذ سنوات. اندلع الصراع بين الجناحَين العسكريّين في البلاد؛ الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتّاح البرهان، وقوّات الدعم السريع بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (المقلّب بحميدتي) بعد أن كان الجنرالان قد اتّحدا للسيطرة على البلاد وتقاسما السلطة بعد انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 ضدّ الحكومة المدنيّة، وذلك بعد مرور عامين ونصف على عزل الرئيس السوداني السابق عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019.

وعلى الرغم من إعلان الطرفين هدنةً مؤقتةً وتمديدها مرّاتٍ عدّة آخرها في 29 أيار/ مايو، وتوقيعهما «إعلان جدّة» في السعودية التزما فيه ضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات والسماح بمرور المساعدات الإنسانية، استمرّ الانتهاك الذي ارتفعت على إثره حصيلةُ الضحايا لتتجاوز يوم 15 أيار/ مايو 676 قتيلاً و5576 جريحًا، بحسب الأمم المتحدة، و700 قتيل بحسب وزارة الصحة. ومن المرجّح أن يكون عدد الضحايا أعلى بكثير مع وجود تقارير تتحدّث عن مفقودين وجثثٍ غير مدفونة، بحسب وكالة «رويترز»، وقد ذكرت منظّمة «أكليد» غير الحكوميّة (The Armed Conflict Location and Event Data Project) ACLED، المعنيّة بجمع البيانات وتحليلها ورسم خرائط الأزمات أنّ عدد القتلى حتى تاريخ 19 أيار/ مايو بلغ 1800. ويأتي هذا بينما يصعب على المنظمات الدولية في الوقت الراهن الدخول إلى السودان لرصد الواقع، بحسب معلومات «الشبكة العربية للطفولة المبكرة» من العاملين في المجال التنموي في السودان.

«سبعة أطفال كل ساعة»

أطفال سودانيون فرّوا من العنف في دارفور يتناولون وجبة الإفطار إلى جانب ملاجئ مؤقتة قرب
الحدود بين السودان وتشاد في كفرون. 11 أيار/ مايو 2023 (رويترز)

وكما هو الحال في النزاعات، يدفع الأطفال الثمن الأكبر. وفي هذا الإطار، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» من أنّ معارك السودان تحصد أرواح الأطفال «بأعداد كبيرة مرعبة»، متحدثةً عن تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة، بين قتيلٍ وجريح. وحتى تاريخ 4 أيار/ مايو، تلقّت المنظمة تقارير عن مقتل 190 طفلاً وإصابة 1,700 آخرين في السودان، غير أنها لم تتمكّن من التحقق من التقديرات بسبب شدة العنف. كماتوفّي خمسون طفلًا على الأقلّ، من بينهم عشرات الرضّع، في دار أيتام «المايقوما»، أكبر دارٍ للأيتام في الخرطوم، منذ بدء الاقتتال الحالي، بسبب سوء التغذية، بعد استحالة وصول غالبية الموظفين، وقد توفي 13 طفلاً على الأقلّ منهم في 26 أيار/ مايو. كما وقعت قذيفة في محيط الدار، ما سبّب هالة هلق شديدة للأطفال. ومع استمرار الاشتباكات بين الطرفين، من المرجّح أن يستمرّ ارتفاع عدد الأطفال الضحايا.

إلى ذلك، أعلنت منظمة «اليونيسف» أنّ عدد الأطفال المحتاجين للإغاثة في السودان وصل إلى رقم غير مسبوق في ظلّ استمرار القتال، متجاوزًا 13.6 مليون وهو أعلى رقم مُسجَّل على الإطلاق في البلاد، مشيرةً إلى أنّ عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية كان قبل النزاع حوالي 9 ملايين.

كما أعلنت«اليونيسف» أنّ الهجمات تقوّض قدرتها على الوصول إلى الأطفال في جميع أنحاء البلاد بالإمدادات والخدمات المنقذة للحياة، بما في ذلك خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي، داعيةً إلى وقف العنف… ويشمل هذا وقف جميع الهجمات على المراكز الصحية والمدارس والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي التي يعتمد عليها الأطفال.

وعلى الرغم من أنّ «إعلان جدّة» يشير إلى ضرورة الامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، يبدو أنّ الأطفال ما زالوا في مناطق الاقتتال عرضةً للتجنيد. وكانت «اليونيسف» والمنظمات غير الحكومية المعنيّة بالأطفال، «منظمة وورلد فيجن» العالمية و«منظمة رعاية الطفولة»، قد حذّرت في وقتٍ سابق من أنّ أحداث العنف تُعرّض الأطفالَ إلى المزيد من الانتهاكات الجسيمة، بما فيها التجنيد والاستخدام من قِبل الجماعات المسلّحة.

أعداد نزوح قياسيّة

تسبّب الاقتتال بموجات نزوح قياسيّة بلغت حتى تاريخ 15 أيار/ مايو 936,000 شخص. وبينما لا توجد تقارير دقيقة حول عدد النازحين في الداخل بسبب استمرار الأعمال القتالية، فإنّ هذا العدد، بحسب «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» OCHA، تجاوز 736,200 شخص، من بينهم 368,000 طفل، وفي الخارج 220,000، من بينهم حوالي 82,000 طفل، وهو عددٌ يتجاوز ضعف ما كانت أعلنت عنه «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» UNHCR في 2 أيار/ مايو.

لجأ الفارّون إلى مصر وجنوب السودان وإثيوبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، بحسب الأمم المتحدة. وتشهد مصر أكبر تدفّق للّاجئين، غير أنّ السلطات المصرية تشترط تأشيرات دخول للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عامًا، بحسب «هيومن رايتس ووتش»، ما يؤخّر أو يمنع الأشخاص الذين يقعون ضمن هذه الفئة العمرية من دخول مصر، وبالتالي تتفرّق العائلات.

أمّا تشاد، الواقعة غرب السودان، فقد حصدت حتى 12 أيار/ مايو 60 ألف لاجئ، وصل إليها منهم 30 ألفًا خلال الأسبوع الماضي. ويتطلّب الحصول على تأشيرة دخول عدةَ أيام أو أسابيع. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن الطرقات ليست آمنة أمام الآلاف الذين يحاولون العبور من غرب دارفور إلى تشاد، وأنّ الفارّين يواجهون نقاط تفتيش خطرة وابتزازًا ونهبًا وخوفًا من التعرّض إلى الوقوع في مرمى النيران.

وبحسب UNHCR، حوالي 90% من اللاجئين هم من الأطفال، والنساء، من بينهنّ نساءٌ حوامل. وقد حثّت المفوّضيّة على معالجة كافة الطلبات التي يتقدم بها السودانيون وغيرهم، بمن فيهم عديمو الجنسية، داعيةً إلى تعليق الإعادة القسرية للأشخاص إلى السودان.

ويأتي هذا في وقت كان لدى السودان قبل اندلاع الاقتتال الحالي 3.7 مليون نازح داخل البلاد. وقد أعلنت UNHCR أنها، في ظلّ الأعداد المتزايدة اللاجئين، بحاجة، كتقدير أوّليّ، إلى 445 مليون دولار مع شركائها لتوفير الدعم للّاجئين حتى تشرين الأول/ أكتوبر.

وذكرت منظمة Save the Children أنّ الأطفال الفارّين من العنف في السودان إلى جنوب السودان ومصر يعانون من ضغوط شديدة تظهر من خلال تصرّفات غير اعتيادية، كما يُظهر المراهقون سلوكيات عنيفة مثل الغضب واليأس والتحدث بعدوانية. كما حذّرت من ارتفاع نسبة الجوع وسوء التغذية بسبب نقص الغذاء عند المعبر، موضحةً أنّ الوجبات الساخنة التي يتمّ تقديمها في مراكز العبور لا تكفي الجميع، وأنّ العديد من العائلات يعيش بلا طعام.

وأشارت المنظمة إلى وجود العديد من علامات الصدمة بين الأطفال لأنّ الكثير من العائلات تقبع تحت أشعّة الشمس الحارقة من دون ظلّ أو مأوى. وخلال الأنشطة التي تقيمها المنظّمة، يربط الكثيرُ من الأطفال بين أصوات الضجيج الصغيرة والاعتيادية التي يسمعونها والانفجارات التي وقعت بالقرب منهم.

وأوضحت المنظمة أنّ النقص في المياه يؤدّي إلى اضطرابات عنيفة بين النساء عبر مناطق العبور، متخوّفةً من أن تزداد الأمور سوءًا لأنّ مركز العبور ممتلئ تمامًا والعديدُ من العائلات يحتمي على جانب الطريق.

وفاة عشرات الأطفال في أكبر دار للأيتام في السودان بسبب سوء التغذية منذ بدء الاقتتال. وتجاوُز عدد الأطفال المحتاجين للإغاثة في السودان 13.6 مليون (الصورة: د. عبد الله كيناني، رويترز)

جوعٌ واقتصادٌ متدهور

خلال الشهر الماضي، تفاقم تدمير المرافق الصحية والمياه والاتصالات. وعلى رأس لائحة المخاطر، يأتي ارتفاع انعدام الأمن الغذائي، إذ توقّع «برنامج الأغذية العالمي» وقوع ما بين 2 إلى 2.5 ملايين شخص إضافي في السودان في الجوع نتيجة العنف المستمرّ في البلاد، الأمر الذي سيأخذ انعدام الأمن الغذائي الحادّ هناك إلى مستويات قياسية ليصل إلى أكثر من 19 مليون شخص.

وقد أبلغت «اليونيسف» عن أعلى معدّل لسوء تغذية الأطفال على مستوى العالم، إذ يعاني حوالي ثلاثة ملايين طفل في السودان دون سنّ الخامسة من سوء تغذية، بمن فيهم 610,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحادّ الوخيم. وأدّى تعليق المساعدات إلى تعطيل برامج العلاج الخاصة بـ50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحادّ الوخيم، ممّا يعرّض حياتهم للخطر. وفي 14 أيار/ مايو، تمّ إحراق المصنع الوحيد لأغذية الأطفال في السودان، والذي كان ينتج إمدادات حيوية لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في البلاد، مما أدّى إلى تدمير الإمدادات اللازمة لعلاج 14,500 طفل. وكان المصنع ينتج  60% من الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام التي تستخدمها «اليونيسف» لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحادّ الوخيم، بالإضافة إلى الأغذية التكميلية الجاهزة للاستخدام التي يقدّمها «برنامج الأغذية العالمي» للأطفال المصابين بسوء التغذية الحادّ المعتدل. وأتى ذلك بعد أيام على توقيع «اتفاق جدّة» والتزام أطرافه «التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنيّة والأهداف العسكرية. والامتناع عن أيّ هجوم من المتوقع أن يتسبّب في أضرار مدنيّة عرضية».

إلى ذلك، ارتفعت كلفة المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 25% خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، بالإضافة إلى تهديد موسم الزراعة الرئيسي نتيجة الاقتتال.

وقد كانت في الأصل أعدادٌ قياسية من الناس في السودان تواجه الجوع، في وقتٍ كان «برنامج الأغذية العالمي» يعاني من فجوة تمويلية لعملياته الحيوية تزيد عن 300 مليون دولار أميركي، وقد توقّع أن تزداد الاحتياجات بشكل كبير مع الأزمة الحالية. وعلى الرغم من الحاجة الملحّة إلى خدمات البرنامج في هذه الظروف القاهرة، اضطرّ إلى توقيف توزيع المساعدات الغذائية والمساعدات النقدية بشكل مؤقّت بعد تعرُّض نحو 17 ألف طنّ من المساعدات الإنسانية للنهب ومقتل ثلاثة من موظّفيه في تبادل لإطلاق النار، ليعود ويستأنف توزيع المساعدات مع وضع خطط لدعم حوالي 5 ملايين شخص في السودان بالمساعدات الغذائية الطارئة و600،000 طفل وامرأة بالوقاية من سوء التغذية وعلاجه.

يعاني السودان اليوم كذلك من نقص حادّ في المياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي وندرة الوقود ونقص الإمدادات وتدمير البنية التحتية الحيوية. وبحسب تقرير محدّث لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» OCHA، نتيجةً لعدم قدرة سلطات المياه على إصلاح الأضرار في محطات معالجة المياه المعطّلة في الخرطوم، يعتمد أكثر من مليون شخص على مياه الشرب غير الآمنة من نهر النيل، ممّا يزيد من مخاطر الأمراض التي تنتقل عبر المياه.

وبينما كان يقبع 77% من السودانيين تحت خطّ الفقر ولم يكن يتجاوز دخل الفرد دولارًا أميركيًّا واحدًا و25 سنتًا في اليوم، بحسب إحصاء لـ«مفوضية الضمان الاجتماعي في السودان» عام 2020، وبعد أن تعطّلت مبادرةُ تخفيض ديون السودان الخارجية بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية نهاية عام 2021، أتى الاقتتال الحاليّ ليوجّه ضربةً كبيرةً للاقتصاد في السودان عمومًا، والخرطوم خصوصًا. تعطّلت طرق التجارة الداخلية ممّا هدّد الواردات وأدّى إلى أزمة سيولة. كما اشتعلت النيران في المصرف المركزي وأُغلقت المصارف التجارية المحليّة وأصبحت أجهزة الصرّاف الآلي خارج الخدمة، كما تعطّل الاتصال بشبكة الانترنت التي أصبحت تعمل بسعَة 4% فقط، بحسب «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية».

إلى ذلك، تعرّضت البنى التحتية والمصانع الكبرى والمنشآت الاقتصادية، خاصةً في الخرطوم، والمتاجر والأسواق للتدمير أو النهب، كما أثّر لجوء أو نزوح العمالة بسبب الحرب على عجلة الإنتاج، وعلى رأسها قطاعا الزراعة والصناعة اللّذين يعانيان في الأصل من أزمات جوهريّة. وبسبب النزاع، بدأت تتسارع القرارات الاقتصادية العشوائية منها إعفاء قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان محافظَ المصرف المركزي حسين يحيى حنقول من منصبه وتعيين برعي الصديق أحمد من دون ذكر السبب.

وتأتي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتدهورة الحاليّة بعد مرور أكثر من عامين على الانقلاب العسكري عام 2021 وصلت خلالهما الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء السودان إلى مستويات قياسية، بحسب «منظمة الصحة العالمية». وقد تحدّثت المنظمة عن نزوح مطوّل وتزايد معدّلات الجرائم وانعدام الأمن في أجزاء من دارفور وغيرها من المناطق المتضررة من النزاعات، وعن ارتفاعات غير مسبوقة في انعدام الأمن الغذائي الحادّ بسبب فترات الجفاف والأمطار غير المنتظمة، بالإضافة إلى التضخّم المرتفع للغذاء والوقود والسلع الأساسية الأخرى، مشيرةً إلى أنّ الفيضانات وتفشّي الأمراض أدّت إلى أعداد قياسية ممّن يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. وبحسب OCHA، ارتفع عدد هؤلاء من 15.8 ملايين (من بينهم أكثر من 8.5 ملايين طفل)، العدد المقدَّر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، إلى 24.7 ملايين في أيار/ مايو 2023، ما يمثّل زيادةً بنسبة 57%. ومع استمرار النزاع، يبدو أنّ الأرقام تتّجه نحو التصاعد.

نهب لقاحات الأطفال

سيدة سودانية تعاين طفلها المصاب بالملاريا والإسهال الحادّ في مركزٍ للتغذية شمال دارفور. وكانت
«اليونيسف» أعلنت عن أنّ السودان يسجّل أعلى معدّل لسوء تغذية الأطفال على مستوى العالم.
(اليونيسف)

أعلى المستوى الصحّي، أفاد OCHA بأنّ «أقلّ من 20% فقط من المرافق الصحية في الخرطوم ما زال يعمل بكامل طاقته، و60% منها لا يعمل، مما يحدّ بشدة من الوصول إلى الخدمات الطبية العاجلة لملايين الناس. وحتى تاريخ 17 أيار/ مايو، تحقّقت «منظمة الصحة العالمية» من 30 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية، ممّا أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 18 آخرين.

وبينما تمسّ الأزمات الصحية والأزمات في القطاع الصحّي جميع السودانيين، غير أنها أكثر ما تؤثّر على الأطفال الصغار. وقد تفاقمت الأزمة الصحية وارتفعت معدلات الوفيات بسبب الأمراض المعدية التي يمكن الوقاية منها عبر اللقاحات، كما تعطّل «برنامج التطعيم الوطني» وسط تفشّي شلل الأطفال، والذي تمّ الإبلاغ عنه منذ ما قبل اندلاع الاقتتال الحالي، وذلك بعد تعرّض العديد من مرافق سلسلة التبريد إلى النهب أو الإتلاف أو التدمير، بما فيها أكثر من مليون لقاح مضادّ لشلل الأطفال، بحسب «اليونيسف»، وأكثر من 600,000 لقاح بحسب أرقام OCHA. وأوضحت الأخيرة أنّ الجزء الأكبر من لقاحات الدولة المخزّنة في مرفق سلسلة التبريد الرئيسي بالخرطوم ما زال معرّضًا لخطر الضياع أو التلف بسبب انعدام الأمن وإمدادات الطاقة غير المستقرّة. كما أنّ مستودع المخزن الطبّي المركزي الذي يحتوي على أدوية ومستلزمات طبية بقيمة ملايين الدولارات يخضع بشكل كامل لسيطرة أحد أطراف النزاع.

لا تعليم لملايين الأطفال 

 وقد فاقم الاقتتالُ الحاليّ أزمةَ التعليم إلى مستويات خطرة، إذ دفع إغلاقُ المدارس ملايينَ الأطفال إلى الخروج من فصولهم الدراسية. وبحسب «اليونيسف» ومنظمات أخرى، ترك هذا الواقع فتاةً من بين كلّ ثلاث فتيات وفتًى من كلّ أربعة فتيان غير قادرين على التعلّم. يأتي هذا بينما كان هناك حوالي سبعة ملايين طفل في السودان غير ملتحقين بالمدارس قبل اندلاع الأزمة الحالية، بحسب «اليونسيف»، بالإضافة إلى أنّ حوالي 70% من الأطفال في سنّ العاشرة غير قادرين على القراءة.

وبحسب OCHA، اعتبارًا من 11 أيار/ مايو، أعادت المدارس والمؤسسات التعليمية في المناطق غير المتأثّرة بأعمال الاقتتال فتحَ أبوابها استعدادًا لامتحانات العام الدراسي.

ونتيجةً للوضع القائم، يتعرّض الكثير من الفتيات والنساء السودانيات أيضًا إلى الاستغلال الجنسي والانتهاكات والاعتداءات الجنسية، بحسب العديد من التقارير. وبحسب OCHA، يحدّ الوضع الأمني ​​المتدهور من الوصول إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي المنقذة للحياة، بما فيها إدارة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، والإدارة السريرية للاغتصاب(CMR),  والدعم النفسي وغيرها.

إلى ذلك، ذكرت المنظمة أنّ الصحة الإنجابية المنقذة للحياة لحوالي 219,000 امرأة حامل في الخرطوم وحدها أصبحت مهدّدة، مشدّدةً على الحاجة إلى المساعدة العاجلة لاستعادة الرعاية الطارئة ودعم الأمومة وعلاج الأطفال. وقد تعرّض مستشفى للولادة إلى الهجوم في 4 أيار/ مايو. وأوضحت المنظمة أنّ نقص الطاقة والإمدادات الطبية المحدودة والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تؤدّي إلى إعاقة شديدة لإيصال الرعاية الصحية الأساسية، كما أنّ الإمدادات الطبية الضرورية، بما في ذلك المخصصة لإدارة مضاعفات الحمل ، تنفَذ بشكل خطير.