إن الكتابة للأطفال تقترب من الحداثة كلما كانت مقاربة الزمن فيها خطية، ويمكن للأشياء ان تنتهي بالموت، وتقبل فكرة التشاؤم في حياة الأطفال، وتنطلق اكثر من كون الأطفال يستطيعون مجابهة الصعوبات وتخطيها. وتكون الكتابة تقليدية حينما تحيل الأحداث فيها الى دورة زمنية تتخطى الفرد وتتعلق بالطبيعة. وثمة ما يوحي بأن الثقافة العربية كان موقفها تصادمياً وعدائياً مع الزمن لأنها ترى فيه مصدر كل شر فالمستقبل مخيف، فالماضي هو الشيء الوحيد الجميل ولكنه انتهى. أما الحاضر فيجب ان لا يستغرق فيه الإنسان كي لا ينسى الآخرة, بالمقابل نلاحظ في ثقافة العولمة المسيطرة، أن الزمن هو وقت وهو كالمال. يجب صرف الوقت كما يصرف المال، اي بترتيب وتخطيط وعدم إهدار. ثمة تعارض في المفهومين. المفهوم الشعبي الراسخ في الوجدان الجمعي العربي (حيث لا قيمة للزمن الحاضر، والمستقبل مصدر قلق، فقط الماضي هو جميل) والمفهوم الحديث المتأتي من ثقافة التكنولوجيا ( حيث كل لحظة لها قيمتها)، وحيث المستقبل قريب جداً ويشكل هدفاً قائماً بذاته. ولكن لما كان أدب الأطفال يغرف من هذين المصدرين المتعارضين، فكيف يمكن حل هذا التناقض الحتمي. تتناول هذه الدراسة هذه الإشكالية من خلال نموذج شعر حسن عبدلله.