نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

الطفولة والسياسات في لبنان

 
الكاتب/ة الباحث/ة
د. فاديا حطيط
الناشر/المؤسسة
تجمع الباجثات اللبنانيات
تاريخ الإصدار
2017
الدولة
لبنان

ما هي السياسة التي تتبعها الدولة في لبنان بخصوص الاطفال؟ وما هي صورة الطفل المرتسمة من خلال هذه السياسة؟ في اي اتجاه تعمل الذهنية السياسية في ما يتعلق بالطفولة؟ أي طفل يجري الكالم عنه؟ طفل اي طبقة؟ أي فئة؟ أي عمر؟ أي أهلية؟ أي موقع؟(ومن جانب آخرٍ هل يجرى التعامل مع الطفل كفاعل سياسي يؤثر في السياسة ويوجهها أم كمتلق لنتائجها؟) يميل المرء للتفكير بأن الطفولة لا تحتل حيزاً كافياً في الشأن السياسي. فالتعمق في ما يتم طرحه من قضايا ومسائل اجتماعية ال سيما تلك المتعلقة بالمرأة العربية يشي بسمة بطريركية ما زالت مسيطرة على نحو كبير في رسم السياسات، على الرغم من انحسارها في الشأن العام اللبناني عموما. ومن استتباعات هذه السمة هي تحكم فكرة "البالغ الذكر" بوصفه العقل المدبر والقادر في حين تستوى الفئات الاخرى (النساء ومن ثم االطفال) في مراتب أدنى. وللفور يتأتى لدى الباحث انطباع بأن الحقل السياسي منفصل عن الحياة العامة، وانه متخلف عنها.  إن الدراسات الجارية حول المجتمعات المتقدمة تشير الى تغير كبير في النظرة الى الطفولة. فتطور المعارف التربوية التي طالت كل مراحل الحياة منذ تباشيرها، وتنوع اساليب الرعاية في الطفولة وازدياد الرفاه من جهة، ولكن من جهة اخرى انتشار الحروب وتوظيف الاطفال فيها وتنامي حالات الاعتداء على الطفولة وعودة مشاهد مجاعة االطفال (مثال اليمن) كل ذلك أظهر ان السياسات المتبعة لا تجري في صالح الاطفال وأن ثمة ضرورة العادة النظر بالمفاهيم السياسية نفسها. من هنا بدأ النظر الى الاطفال كفئة لها حقوق وضرورة الاخذ بالاعتبار لواقع هذه الفئة واحتياجاتها ومصلحتها في صنع القرارات السياسية في الدول للفعل الاجتماعي، بل توجه الى الغربية. ولقد تطور التفكير بالطفولة بحيث لم تعد موضوعا ُ فيه. وترى سنا ناكاتا انه يجب التعامل مع الاطفال بوصفهم وكالاء سياسيين لمصالحهم الخاصة. (Kallio2009) أي انه لا يكفي اعتبار الاطفال موضوعا ً للسياسة بل يجب اعتبارهم ذاتا سياسية لها مصالح يجب ان تترجم في السياسات وعند اتخاذ القرار. هذا مع العلم بأنه ال يتفق الجميع على فكرة ان األطفال يمكن ان يكونوا فاعلين سياسيين. فالبعض يرى ان االطفال يجب ان يكونوا في منأى من السياسة، ويعيشوا في حقل اجتماعي غير مسيس، إلى حين اكتساب القدرات السياسية التي تخولهم الاندراج في الشأن السياسي (Kallio2009) في حين يرى البعض الآخر ان الاطفال هم بالضرورة جزء من المجتمع ويقع عليهم عبء نتائج السياسات المتخذة، وسوف يكون من المناسب اخذ وجهة نظرهم في الاعتبار. فاألطفال المحاربون، او االطفال الالجئون او االطفال المشاركون في المظاهرات هم جزء من سياسة وإن كانت ترجمة هذه السياسة يقوم بها الكبار.