يتطلب إعداد إنسان المستقبل تزويده بالمهارات اللازمة والخبرات المتنوعة والتي تساعده على أن يكون مفكرًا وقادرًا على مواجهة التحديات. وإن أبرز ما يسهم في إعداد هذا الإنسان هو التعليم الذي يتعرض له؛ الأمر الذي يدعو إلى الالتفات إلى أهمية أن يحظى هذا التعليم بالجودة.
إن المتغير الأهم في قضية تحقيق جودة التعليم هو العمل الدائم على تحسين مستويات المعلمين وتنمية كفاياتهم المهنية والثقافية والأخلاقية، وإذا لم يتمتع المعلم بمستويات الكفاءة المهنية المطلوبة فلا جدو من الحديث عن تطوير جودة التعليم (جامعة الدول العربية، 2008).
وقد أولت المملكة العربية السعودية المعلمين اهتمامًا كبيرًا يبدأ من أول خطوة في تعيين المعلم، حيث يجب عليه اجتياز اختبار كفايات المعلمين، والذي يقيس مدى تحقيق الحد الأدنى من المعايير التي يلزم وجودها في المتقدمين لمهنة التدريس. ومؤخرًا، تم استحداث الرخصة المهنية للمعلم، والتي لا يستطيع أي معلم مزاولة المهنة بدون الحصول عليها ضمن فترة زمنية محددة (هيئة تقويم التعليم والتدريب، 2020).
ويُبيّن أنه لتحسين وتطوير أداء المعلم، يجب إقرانه بالجودة؛ كونها تسعى إلى تحقيق الحد الأعلى من الإتقان. حيث توصف جودة المعلم بأنها جودة تأهيله المهني والأكاديمي والذاتي، بالإضافة إلى جودة الخبرات التي يمتلكها، وإيمانه بفلسفة المناهج القائمة على مفهوم الجودة الشاملة (حمادات، 2007؛ عطية، 2009).
ولتحقيق جودة المعلم، فلا بد من تحديد المعايير والمؤشرات التي ترتكز عليها هذه الجودة. وقد أكد ذلك مجاهد (2008)، الذي أوضح أن من أهم جهود إصلاح التعليم في القرن العشرين هو ظهور حركة المعايير في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت بمثابة قوة محفزة ومنطلقة لإصلاح التعليم واقع المؤسسات التعليمية من حيث المنهج والمعلم والإدارة.
وتسلط هذه الدراسة الضوء بشكل خاص على معلمات الروضة، وذلك لكونهن يتعاملن مع فئة عمرية في مرحلة الطفولة المبكرة، والتي تُعد من المراحل المهمة التي تسهم في تكوين شخصية الفرد. هذا السبب جعلها تحظى باهتمام صُنّاع القرار في مختلف الدول، حيث تتكاتف الجهود لتوفير بيئة تربوية تتضمن كوادر تعليمية مؤهلة تأهيلًا جيدًا للتعامل مع الأطفال، بناءً على ما توصي به الأبحاث والمؤتمرات المتخصصة في مجال الطفولة المبكرة.
ورغم التأكيد على أن الطفل هو محور العملية التعليمية في الروضة، فإن المعلمة هي أساسها. حيث تعتمد مرحلة رياض الأطفال بشكل كبير على كفاءة المعلمة؛ إذ إن نجاح العملية التربوية وما تتضمنه من أساليب في المناهج، أو الوسائل التعليمية، أو تجهيزات البيئة، يصبح عديم الفائدة ما لم يتوافر لها معلم كفؤ (جامل، 2003).