في القراءة التالية من مركز المعرفة للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة التابع لمركز التميز لتنمية الطفولة المبكرة، تقدم جين هيوز نظرة شاملة عن “قوة اللعب”.

التعلم في الطفولة المبكرة
مركز المعرفة
دعوا الأطفال يلعبون:رد الطبيعة على التعلم المبكرإعداد جايْن هيوز، دكتوراهرئيسة برنامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة،كلية جرانت ماك إيوان، إدمونتون، ألبرتا، كندا
اللعب ضروري للنمو الأمثليشكل اللعب ظاهرة عالمية ذات حضور واسع ودائم في تاريخ البشرية.’’ لقد فتن اللعب الفلاسفة والرسامين والشعراء لأجيال. تعترف المادة 31 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل بأهمية اللعب في حياة الأطفال، مدركةً أن اللعب حقٌّ بحد ذاته مضافٌ إلى حق الطفل في الترفيه والتسلية ومتميز عنه.لقد أدرك مربّو مرحلة الطفولة المبكرة منذ فترة طويلة قوة اللعب. إن المساهمة الكبيرة للّعب في تنمية الأطفال الصغار موثقة جيدًا في علم نفس الطفل والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع، وفي الأطر النظرية للتعليم والترفيه والاتصالات. تعد القدرة على اللعب إحدى المهام النمائية الرئيسية في الطفولة المبكرة. اللعب “المصدر الرئيسي للنمو في السنوات الأولى”: هو ضروري للنمو الأمثل للأطفال.فرص الأطفال في اللعب معرضة للخطرللمفارقة، دائما يقدّر اللعب بأقل من قيمته، وقد أصبحت مهدّدةً فرصُ الأطفال في اللعب الحر دون انقطاع، سواء في الداخل أو الخارج. لقد تغيرت البيئات المادية والاجتماعية للطفولة في العالم الغربي بشكل كبير خلال العقود العديدة الماضية.’ يقضي العديد من الأطفال وقتًا كبيرا ضمن مجموعات الأقران منذ سن مبكرة جدًا. تركز العديد من هذه السياقات على أنشطة تعليمية وترفيهية منظمة، ما لا يترك سوى القليل من الوقت للمشاركة في اللعب الحر المفتوح والمبادَر ذاتيًا.يشعر مناصرو لعب الأطفال بالقلق من تلاشي إمكانية الوصول إلى فرص اللعب في الهواء الطلق في البيئات الطبيعية في الأحياء.لقد غيرت أنماط التكنولوجيا وحركة المرور واستخدام الأراضي الحضرية مناطق اللعب الطبيعية للطفولة. يزداد قلق الأهل بشأن السلامة، ويجد الأطفال أنفسهم في ملاعب خارجية مبنية بعناية تخفف من التحديات، باسم السلامة.’’إن الأولوية المعطاة حاليًا للاكتساب المبكر للمهارات الأكاديمية تشكّل تهديدًا آخر للعب الأطفال. غالبًا ما يقيّد هذا التركيز ويحد من نطاق التعلم الذي يتكشف بشكل طبيعي في اللعب. إن مسألة كيف وماذا يجب أن يتعلم الأطفال استعدادًا للمدرسة الرسمية هي موضوع نقاش حاد في كندا. كان من المعتاد أن يقضي الأطفال سنوات ما قبل المدرسة في اللعب، سواء في المنزل أو في مركز رعاية أو في أطر اجتماعية لمرحلة ما قبل المدرسة. ويدافع كثيرون الآن عن برامج الطفولة المبكرة التي تركز على خبرات القراءة والكتابة والحساب، وخاصة في الحالات حيث من المحتمل أن تؤثر ظروفٌ اجتماعية وبيئية على جهوزية الأطفال للمدرسة.في السنوات الأخيرة، كان الاتجاهُ إدخال المزيد من المحتوى عبر التعليم المباشر ضمن ممارسة المتخصصين في الطفولة المبكرة. وتُبيّن الأبحاث أن هذه المقاربة، رغم أنها واعدة على المدى القصير، لا تحافظ على فوائدها على المدى الطويل، بل لها في الواقع تأثير سلبي على بعض الأطفال الصغار. لقد أصبحت الفترات الزمنية الطويلة المتواصلة للأطفال للّعب، بمفردهم ومع أقرانهم في الداخل والخارج، نادرة بشكل متزايد.الأدبيات التنموية واضحة: اللعب يحفز النمو البدني والاجتماعي والعاطفي والمعرفي في السنوات الأولى. يحتاج الأطفال إلى وقت ومكان ومواد ودعم من أهل مستنيرين ومراعين، ومربّين مؤهَّلين في مرحلة الطفولة المبكرة حتى يصبحوا “لاعبين بارعين”. إنهم بحاجة إلى وقت للّعب من أجل اللعب.
المجلس الكندي للتعلم
ما هو اللعب، ولماذا هو مهم؟يمكن لأي شخص بالغ تقابله تقريبًا أن يتذكر تجربة لعب ممتعة في مرحلة الطفولة، غالبًا بتفاصيل غنية وحيوية. عندما نتذكر اللعب في طفولتنا، فإننا نتحدث عن مشاعر الحرية والقوة والتحكم والحميمية مع الأصدقاء. يتذكر الكثير منا وقتًا لذيذًا لا نهاية له قضيناه في أماكن سرية، ولا يزال الزمان والمكان واضحيْن. نتذكر إحساس الريح وملمس العشب وصوت صرير السلالم ورائحة العلية المغبرّة.يشكّل اللعب تجربة ذات معنى ومرضية للغاية للأطفال، وسعيا يبحثون عنه بفارغ الصبر، ويجدونه ممتعًا إلى ما لا نهاية. أي شخص قضى وقتًا في مشاهدة الأطفال وهم يلعبون يعلم أنهم ينخرطون بعمق ويأخذون لعبهم على محمل الجد.ومع أن اللعب تجربة مشتركة وعالمية، فمن الصعب تعريفه بدقة لأغراض البحث العلمي متعدد التخصصات. اللعب متناقض، فهو جدي وغير جدي، حقيقي وغير حقيقي، يبدو بلا هدف ولكنه ضروري للنمو. وهو قابل للصمود حيث يستمر الأطفال في اللعب في أكثر المواقف الصادمة، ومع ذلك فهو هش، وهناك أدلة متزايدة على أن الحرمان من اللعب له تأثير ضار على النمو.في مراجعة مقتبسة كثيرًا لنظرية اللعب والأبحاث حوله، قام المؤلفون روبِن وفين وفانْدنْبرْغ بجمع التعريفات النفسية الموجودة وتطوير إجماع حول تعريف سلوك اللعب على التالي:تحفيزه داخلي وجوهرييتم التحكم فيه من قبل اللاعبينيهتم بالمسار بدلاً من المنتجغير حرفيخال من القواعد المفروضة من الخارجيتميز بالانخراط النشط للّاعبينتشكّل هذه الخصائص حاليا جزءًا كبيرًا من العمل الأكاديمي حول لعب الأطفال.تركز التحقيقات الأنثروبولوجية في لعب الأطفال على العلاقات المعقدة بين اللعب والثقافة: الروابط الواضحة بين لعب الأطفال والأدوار الاجتماعية للبالغين، والمعنى الذي يخلق به اللعب ثقافةً بين الأطفال، مع قواعد مشاركة وطقوس عبور. هنالك منظور مثير للاهتمام للأبحاث حول اللعب يرى معنى اللعب من وجهة نظر اللاعبين أنفسهم. لدى الأطفال تعريفاتهم الخاصة للعب وغاياتهم الجادة للغاية والهادفة. وفي دراسة حديثة، حدد الأطفال اللعب على أساس غياب البالغين ووجود الأقران أو الأصدقاء.تعطينا هذه التعريفات مجتمعة لمحة عن مدى تعقيد وعمق ظاهرة لعب الأطفال.هناك العديد من أشكال اللعب في مرحلة الطفولة، وهي توصف بأشكال مختلقة مثل اللعب الاستكشافي واللعب بالأشياء ولعب البناء واللعب الجسدي (لعب حسي حركي، ولعب خشن) واللعب الدرامي (التظاهر الانفرادي) واللعب الاجتماعي الدرامي (التظاهر مع الأقران ويسمى أيضًا اللعب التظاهري أو اللعب التخيلي أو ألعاب الخيال أو اللعب الرمزي)، والألعاب ذات قواعد (ثابتة ومحددة مسبقًا) والألعاب ذات القواعد المبتكرة (يمكن للّاعبين تعديلها).تتطور أشكال اللعب هذه على مدار مرحلة الطفولة المبكرة. غالبًا ما تحتوي حلقات اللعب التي تحدث بشكل طبيعي على مزيج من أنواع اللعب المختلفة. فمثلا، يؤدي بناء المكعبات التي تمثل المباني بشكل طبيعي إلى حلقة لعب درامية مع ألعاب السيارات والأشخاص. يتطور تعقيد كل نوع من أنواع اللعب على مدار دورةالطفولة. مثلا، يبدأ اللعب الرمزي عند الأطفال الصغار بادعاء بسيط ـكالتظاهر بإلقاء التحية على الجدة عبر هاتف لعبة، ويبلغ ذروته خلال سنوات ما قبل المدرسة في حلقات طويلة ومعقدة من اللعب التظاهري مع أقرانهم.يعكس التقدم النمائي الذي نلاحظه في أنواع مختلفة من اللعب التطور في مجالات أخرى. فمثلا، تظهر اللغة واللعب الرمزي عند الأطفال الصغار في نفس الوقت تقريبًا في ثقافات حول العالم. يبدأ الأطفال في إنشاء وممارسة ألعاب نشطة بقواعد محددة مسبقًا وبقواعد مخترعة عندما يطورون قوة جسدية كافية وتنسيقا وقدرة على التفكير العملي الملموس.
اللعب والتنوعتؤكد أبحاث حديثة على أهمية تفسير لعب الأطفال التظاهري ضمن سياق اجتماعي وثقافي. يُعد السياق الاجتماعي الثقافي مهمًا في توجيه الممارسة في مجتمعات متنوعة مثل كندا. الثقافات لديها مواقف وقيم مختلفة حول اللعب. إن الأهمية الممنوحة لتطوير اللعب الاجتماعي الدرامي في الثقافة الغربية ليست عالمية. وهذا اعتبار متزايد الأهمية لمربّي مرحلة الطفولة المبكرة في كندا.هناك مواضيع اجتماعية وثقافية في اللعب التظاهري،’ ولهذه المواضيع تبعات على الطريقة التي نصمم بها بيئات اللعب في المجتمعات وكذلك بيئات الطفولة المبكرة. يجد الأطفال صعوبة في المشاركة في اللعب التظاهري إذا كانت الدعائم والإعدادات غير مألوفة. في سياق حساس ثقافيًا، يتمتع اللعب بالقدرة على بناء الجسور بين الثقافات، ما يساعد الأطفال الوافدين الجدد على تطوير كفاءة ثنائية الثقافة.’يستكشف الأطفال ويعبّرون عن فهمهم لجوانب التنوع في لعبهم. من المهم أن يجيب البالغون عن تفسيرات الأطفال للتنوع في لعبهم، كأدوار الجندر والقدرة والإعاقة والطبقة الاجتماعية الاقتصادية، ولاسيما إذا كانت غير دقيقة أو مؤذية لأطفال آخرين.
نوع اللعبالوصفالفئة العمرية لأكثر الحالات
اللعب الاستكشافي / اللعب بالأشياء / اللعب الحسييستكشف الأطفال الصغار جدًا الأشياء والبيئات: اللمس والتكلم والرمي والطَرق والضغط. يظهر اللعب الحسي في محاولات الأطفال المبكرة لإطعام أنفسهم. مع تقدمهم في السن، تضيف مواد مثل عجينة اللعب والطين والطلاء إلى تجارب اللعب الحسية.صفر إلى سنتين ونصف
اللعب التمثيلي (التظاهر الفردي)يمضي العديد من الأطفال الصغار الكثير من الوقت في اللعب الخيالي وحدهم طوال سنوات الطفولة المبكرة. يخترعون النصوص ويلعبون العديد من الأدوار في وقت واحد. عادةً ما تدعم الألعاب أو الدعائم (مثل الدمى والسيارات ومجسمات الحركة) هذا النوع من اللعب. عندما يكبر الأطفال، فإنهم يخلقون عوالم كاملة بشكل انفرادي، وغالبًا ما يكون ذلك باستخدام مجموعات كبيرة من الأشياء الصغيرة أو الأشكال المصغرة.3 – 8 سنوات
لعب البناءيبدأ الأطفال في البناء والتشييد باستخدام ألعاب تجارية (ليغو ولعب تِنكِر ومكعبات)، ومواد موجودة ومعاد تدويرها (صناديق من الورق المقوى وأنابيب بلاستيكية) ومع مجموعة متنوعة من وسائط النمذجة (الطين وعجين اللعب والبلاستيسين). يلعب الأطفال الأكبر سنًا لفترات طويلة بمجموعات نماذج تجارية معقدة. ينخرط الأطفال من هذه الفئة العمرية في هذا النوع من اللعب بمفردهم وفي مجموعات، وغالبًا ما يدمجونه مع حلقات من التظاهر الانفرادي أو اللعب الاجتماعي الدرامي.3 – 8 سنوات
اللعب الجسدييبدأ اللعب الحسي الحركي عندما يكتشف الأطفال الصغار أنهم يستطيعون تحريك أشياء مثل ركل أشكال موجودة على مهد متحرك أو الزحف خلف كرة متدحرجة. غالبًا ما يشمل اللعب الجسدي في سنوات ما قبل المدرسة اللعب الخشن والتشقلب، وهو شكل فريد من أشكال اللعب الاجتماعي الأكثر شيوعًا بين الصبيان الصغار. يصف هذا اللعب سلسلة من السلوكيات يستخدمها الأطفال في اللعب القتالي. غالبًا ما يخطئ البالغون في اعتباره عدوانًا. ينخرط الأطفال الأكبر سنًا في مرحلة ما قبل المدرسة في نشاط بدني قوي، ويختبرون حدود قوتهم عن طريق الجري والتسلق والانزلاق والقفز بشكل فردي وفي مجموعات. غالبًا ما يتطور هذا النوع من اللعب تلقائيًا إلى ألعاب ذات قواعد مخترعة.3 – 8 سنوات
اللعب التمثيلي الاجتماعياللعب التظاهري مع الأقران، إذ يتولى الأطفال أدوارًا اجتماعية ويخترعون نصوصًا سردية معقدة بتزايد، ويمثلونها مع أصدقاء في مجموعات صغيرة.3 – 6 سنوات
ألعاب ذات قواعديبدأ لأطفال بممارسة ألعاب رسمية في مجموعات اجتماعية. هذه الألعاب لها قواعد ثابتة ومحددة مسبقًا، مثل ألعاب الورق والألعاب اللوحية وكرة القدم والهوكي.5 سنوات وما فوق
ألعاب ذات قواعد مُخترعةيبدأ الأطفال في ابتكار ألعابهم الخاصة و/أو تعديل قواعد ألعاب الملعب التقليدية في مجموعات اللعب التي ينظمونها ذاتيًا مثل العلامة والغميضة و”روفر” الأحمر (ركض الملك) والحجلة (القفز والمربعات).5 – 8 سنوات
القيمة البيداغوجية للّعب: ماذا يتعلم الأطفاليغذي اللعب كل جانب من جوانب نمو الأطفال الجسدية والاجتماعية والعاطفية والفكرية والإبداعية. إن التعلم أثناء اللعب متكامل ونافذ وغير مرئي إلى حد كبير للعين غير المدربة. ويحدث الكثير من هذا التعلم دون التدريس المباشر. إن التعلم هو ما يهم المتعلم. للّعب قيمة جوهرية في مرحلة الطفولة وله فوائد نمائية طويلة المدى.يطور اللعب أسس المهارات الفكرية والاجتماعية والجسدية والعاطفية اللازمة للنجاح في المدرسة وفي الحياة. إنه “يمهّد الطريق للتعلم.” إن بناء المكعبات واللعب بالرمل والماء يضع الأساس للتفكير الرياضي المنطقي والتفكير العلمي والحل الإدراكي للمشكلات. اللعب الخشن والفوضوي يطور التنظيم الذاتي الاجتماعي والعاطفي وقد يكون مهما بشكل خاص في تطوير الكفاءة الاجتماعية لدى الصبيان. اللعب يعزز الإبداع والمرونة في التفكير. لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للقيام بالأشياء، فهناك احتمالات عديدة في اللعب، إذ يمكن أن يصبح الكرسي سيارة أو قاربًا أو منزلًا أو سريرًا.يعزز اللعب التظاهري التواصل وتطوير مهارات المحادثة، وأخذ الدور واعتماد وجهات نظر، ومهارات حل المشكلات الاجتماعية كالإقناع والتفاوض والتسوية والتعاون. ويتطلب مهارات اتصال معقدة: يجب أن يكون الأطفال قادرين على التواصل وفهم الرسالة “هذا لعب تمثيلي”. ومع تطوير مهاراتهم في اللعب التظاهري، يبدأ الأطفال في التحدث على عدة مستويات في وقت واحد، فيصبحون ممثلين ومخرجين ورواة وجمهورًا، ويدخلون إلى الأدوار المتعددة ويخرجون منها بسهولة.هناك انبهار كبير لدى الباحثين والمنظّرين في مجال اللعب في الارتباطات بين اللعب التظاهري لدى الأطفال والنمو الإدراكي.’ إن القدرة على التظاهر، التي تم تطويرها بشكل متقن في اللعب الاجتماعي الدرامي، تتشابك بشكل لا ينفصم مع تطور القدرة على التفكير التجريدي والرمزي.’ نحن نتعجب من التقدم النمائي في التفكير عندما يتخلى الطفل عن الحاجة إلى شيء واقعي في اللعب التظاهري، فيمكن أن تحل موزة أو حذاء أو حركة بسيطة باليد محل الهاتف اللعبة.خلال اللعب، يبني الأطفال معرفة من خلال الجمع بين أفكارهم وانطباعاتهم وحدسهم مع الخبرات والآراء. يخلقون نظريات حول عالمهم ويتشاركونها. يؤسسون ثقافة وعالمًا اجتماعيًا مع أقرانهم. في اللعب، يعطي الأطفال معنى لتجربتهم، وأحيانا لا معنى لها. يكتشفون العلاقة الحميمة وفرحة الصداقة بينما يستكشفون هويتهم الناشئة. ولأن اللعب موجه ذاتياً، فإنه يؤدي إلى الشعور بالكفاءة والثقة بالنفس. يعد اللعب بُعدًا مهمًا للتعلم المبكر.العلاقة بين اللعب والتعلم معقدة ومتبادلة ومتعددة الأبعاد. إن مسارَيْ اللعب والتعلم يحفزان بعضهما البعض في مرحلة الطفولة المبكرة، فهناك أبعاد للتعلم في اللعب وأبعاد للّعب في التعلم. اللعب والتعلم هما “بُعدان لا ينفصلان في ممارسات ما قبل المدرسة”.هناك تعلمٌ فوري وواضح في اللعب وتعلمٌ ليس واضحًا تمامًا. على سبيل المثال، من الواضح أن تجارب اللعب في الهواء الطلق تساهم في النمو البدني للأطفال، وخاصة النمو الحركي. الأقل وضوحًا هو التعلم الذي يحدث عندما يختبر الأطفال قوتهم، خارجيًا وداخليًا: إلى أي ارتفاع يمكنني التسلق؟ لماذا ينبض قلبي عندما أركض؟ هل أنا شجاع بما فيه الكفاية للقفز من هذه المنصة؟ مع أن التعلم من خلال اللعب قويٌّ، فمن الغريب أنه غالبًا ما يكون عرضيًا بالنسبة للعب، على الأقل من وجهة نظر الطفل. فإن الطفل الصغير المنغمس في موازنة المكعبات فوق بعضها البعض ليس بالضرورة مدفوعًا بالحاجة إلى تعلم مبادئ الهياكل المادية المستقرة أو حتى بالرغبة في ذلك، مع أن هذا قد يكون بالفعل ما يجده مذهلاً. وهذا التعلم هو منتج ثانوي للعبه، وبشكل عام، هو ليس الغرض منه.
اللعب ومحو الأميةهناك نتائج متسقة في الأبحاث حول العلاقة الوثيقة بين اللعب الرمزي وتطور معرفة القراءة والكتابة كما هناك أدلة جيدة على أن زيادة فرص اللعب الرمزي الغني يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على تنمية معرفة القراءة والكتابة.اللعب التظاهري مع الأقران يشرك الأطفال في نفس النوع من التفكير التمثيلي المطلوب في أنشطة القراءة والكتابة المبكرة. يطور الأطفال روايات معقدة في لعبهم التظاهري. يباشرون في ربط الأشياء والأفعال واللغة معًا في مجموعات وتسلسلات سردية، ويخلقون لغة مناسبة لوجهات نظر وأدوار مختلفة.“يتعلم الأطفال الصغار أهم الأمور ليس من خلال ما يقال لهم، ولكن من خلال بناء المعرفة لأنفسهم من خلال التفاعل مع العالم المادي ومع الأطفال الآخرين. والطريقة التي يفعلون بها ذلك هي من خلال اللعب.”المصدر:Jones, E., & Reynolds, G. (1992). The play’s the thing: Teachers’ roles in children’s play, p. 1
“الأطفال لا يلعبون من أجل التعلم، مع أنهم يتعلمون أثناء اللعب.”المصدر:Kalliala, M. (2006). Play Culture in a Changing World, p. 20
ليس كلُّ لعب تعلما وليس كلُّ تعلم لعبا. من المهم أيضًا أن نتذكر أنه ليس كل ما يفعله الأطفال هو اللعب. يعد التعلم القائم على اللعب في الطفولة المبكرة طريقة تربوية قيمة وفعالة ومناسبة، وقد تم إنجاز الكثير من العمل الجيد في مسار المقاربات المرحة للتعلم المبكر.’’ يشكّل “التعلم من خلال اللعب” مقاربةً للمناهج والتخطيط تروج لها برامج طفولة مبكرة عديدة في كندا. يرى مربّو الطفولة المبكرة إمكانات هائلة في اللعب ربطا بتعلم الأطفال لدرجة أننا نخاطر أحيانًا بالمبالغة في التركيز على التعلم والتقليل من التركيز على اللعب. هناك فوائد نمائية فريدة وأساسية مستمدة من اللعب الحر العفوي. تعتبر تجربة الطفل للتحفيز الداخلي في اللعب أمرًا أساسيًا للتعلم الناجح مدى الحياة. يعد اللعب بنفسه تجربة تعلّمية صالحة بحد ذاتها، وإن كان من الصعب تبريرها واستدامتها في البيئات التعليمية الرسمية.إننا نعلم أن النمو يكون سريعا في السنوات الأولى، وأن مجالات النمو مترابطة وأن الأطفال يحتاجون إلى بيئات تحفز النمو الشامل دون فرضه قبل الأوان. يوفر اللعب تكاملًا طبيعيًا لمجالات التعلم، حيث يدمج التعلم الاجتماعي والعاطفي والجسدي مع التعلم المعرفي والأكاديمي. ومن الصعب تحقيق هذا التكامل والحفاظ عليه في التعليم الموجه من قبل المعلم.من التحديات التي تواجه معلمي مرحلة الطفولة المبكرة هو التدريس في سياق التباين الفردي غير العادي في النمو. يساعد اللعب على تحقيق التوازن بين التعلم لكل طفل على حدة، حيث يشارك الطفل على المستوى وبالكثافة اللازميْن لدعم تعلمه. يستجيب اللعب بشكل فريد للاحتياجات النمائية واهتمامات كل طفل. تلبي بيئةٌ مصممة جيدًا العديد من الاحتياجات النمائية الفردية في وقت واحد. نحو بيداغوجيا اللعب: دور البالغإن القيام باستمرار وبشكل جيد بإنشاء بيئات يمكن للأطفال أن يتعلموا فيها من خلال اللعب ليس بالأمر السهل. يجب أن يكون لدى الأطفال وقت للعب حتى يتعلموا من خلال اللعب. ودور الكبار حاسم. لكي يصبح الأطفال ماهرين في اللعب، فإنهم يحتاجون إلى وقت متواصل وإلى بالغين ذوي معرفة ينتبهون إلى حقهم في اللعب ويدعمونه. يتعلم الأطفال اللعب بأنفسهم، في حال مُنحوا الوقت والمواد اللازمة.تشكّل بيئةُ اللعب واتجاهات البالغين الداعمين تجاه اللعب نوعيّةَ تجربة اللعب لدى الأطفال. أحد أهم الأدوار هو الدور التيسيري، حيث يقوم الشخص البالغ بتهيئة المكان، ما يخلق ويحافظ على بيئة مواتية للعبٍ غني وعفوي، ومتفاعلة بطرق تعزز تعلم الأطفال في اللعب، دون مقاطعة سير اللعب واتجاهه.يقوم الشخص البالغ بتصميم بيئة تحتوي على مواد ملموسة عملية تشجع على الاستكشاف والاكتشاف وتشغيل اليدين والانخراط الفعال للأطفال. تؤثر كمية ونوعية واختيار مواد اللعب على التفاعلات التي تحدث بين الأطفال. يحمي الشخص البالغ الوقت اللازم للاستكشاف والاكتشاف واللعب غير المتقطع.هناك أدوار متعددة للبالغين في تسهيل تجارب اللعب لدى الأطفال. ويصف جونز ورينولدز المعلم بأنه مدير مسرح ووسيط ولاعب وكاتب ومقيّم ومتواصِل ومخطِّط. ويصف فان هورن وآخرون عدة أدوار مماثلة في “تنسيق لعب الأطفال” على طول سلسلة متواصلة من المشاركة غير المباشرة إلى المشاركة المباشرة. ويشير جونز ورينولدز إلى أن المعلمين يميلون إلى مواجهة صعوبات أكبر في الأدوار غير المباشرة مقارنة بالأدوار المباشرة. وهذا يمثل تحديا. تعتبر الأدوار غير المباشرة هي الأكثر تسهيلًا للعب الأطفال الحر التلقائي، مع فوائده النمائية الفريدة.وفي حين يؤكد بعض المدافعين عن اللعب أنه يجب ترك الأطفال بمفردهم للّعب دون مقاطعة الكبار، إلا أن هناك أدلة جيدة تدعم الفوائد الإيجابية لبعض الانخراط النشط للبالغين في لعب الأطفال. عندما يجري ذلك بمهارة، تؤدي مشاركة البالغين إلى حلقات لعب أطول وأكثر تعقيدًا. يولي مربّو مرحلة الطفولة المبكرة اهتمامًا وثيقًا بلعب الأطفال عندما يلعبون. إنهم مراقبون مستجيبون ومشاهدون ماهرون للّعب. وهم يدعمون تعلم الأطفال أثناء اللعب عندما يصبحون لاعبين مشاركين، ويقومون بالتوجيه والقدوة عندما يصبح اللعب محبطًا للطفل أو عندما يكون الأطفال على وشك التخلي عنه بسبب نقص المعرفة أو المهارة. وبناءً على ملاحظاتهم، هم يقدمون تجارب جديدة للأطفال لإثراء اللعب وتوسيع نطاقه. يطرحون أسئلة صعبة على الأطفال الصغار للنظر فيها، ما يساعدهم على تطوير فهم معرفي جديد. إنهم يتفاعلون بطرق تزيد من إمكانية التعلم من الأقران، ويبحثون باستمرار عن فرص للأطفال للتعلم من بعضهم البعض.
“لا تكمن القيمة البيداغوجية للّعب في استخدامه كوسيلة لتعليم الأطفال مجموعة محددة من المهارات من خلال أنشطة منظمة تسمى ‘اللعب’”.المصدر:Bergen, D. 1998. Play as a Medium for Learning and Development, p. 7“معلم الأطفال الصغار الماهر هو الذي يجعل…. اللعب ممكنا ويساعد الأطفال على الاستمرار في التحسن فيه.”المصدر:Jones & Reynolds. 1992. The play’s the thing, p. 1
“إن دعم لعب الأطفال أكثر فعالية من مجرد القول إنكم تؤمنون بأهميته. عندما تؤخذ ثقافة لعب الأطفال على محمل الجد، يتم تهيئة الظروف التي تجعله يزدهر بعناية. لا تحدث ثقافة لعب الأطفال بشكل طبيعي. اللعب يحتاج إلى زمان ومكان وإلى تحفيز عقلي ومادي يجب تقديمه بوفرة. إن خلق بيئة لعب غنية يعني خلق بيئات تعلّمية جيدة للأطفال.”المصدر:Kalliala, M. 2006. Play Culture in a Changing World, p. 139
تسهيل لعب الأطفاليحتاج الأطفال الصغار إلى توازن فرص بين الأنواع المختلفة من اللعب، في الداخل والخارج. إنهم بحاجة إلى دعم من بالغين وأهل ملمين يقومون بما يلي:توفير فترات طويلة دون انقطاع (45-60 دقيقة كحد أدنى) للّعب الحر التلقائي.توفير مجموعة كافية من المواد لتحفيز أنواع مختلفة من اللعب كالمكعبات وألعاب البناء للنمو المعرفي، والرمل والوحل والماء والطين والطلاء وغيرها من المواد المفتوحة للّعب الحسي، والملابس والدعائم للعب التظاهري، والكرات والأطواق وأماكن التسلق ومساحات مفتوحة للّعب الحركي الإجمالي.توفير أوقات غير مقيدة للّعب في الداخل وفي الخارج، وتشجيع الأطفال على التعامل مع البيئة لدعم لعبهم.التفكير في فرص التحدي والمخاطرة المناسبة للعمر أثناء اللعب.التأكد من حصول جميع الأطفال على فرص اللعب وعلى شملهم جميعا في اللعب.جعل الأطفال يلعبون لأغراضهم الخاصة.اللعب مع الأطفال وفقًا لشروطهم، قائمين بجولة من حين لآخر على المنزلق، أو مرتدين قبعة والقيام بدور في اللعب التمثيلي.التعرف على قيمة اللعب الفوضوي واللعب الخشن واللعب دون معنى.الفهم أن الأطفال بحاجة إلى الشعور بالانتماء إلى ثقافة اللعب في مرحلة الطفولة.الاهتمام بلعب الأطفال وطرح أسئلة وتقديم اقتراحات والانخراط بشغف كلاعبين مشاركين عند يدعونكم.أهمية اللعب الخارجيهناك مجموعة أدلة ناشئة حول الأهمية النمائية للتواصل مع الطبيعة وتأثيرها الإيجابي على صحة الأطفال الجسدية والنفسية.’’’ توفر المناظر الطبيعية في الهواء الطلق عادةً: تجارب غنية ومتنوعة ومتعددة الحواسفرص لعب صاخب وعاصف وشديد ونشط جسديا فرص التحدي الجسدي والمجازفة المتأصلة في قيمة اللعبأسطح خشنة وغير مستوية، مع فرص لتطوير القوة الجسدية والتوازن والتنسيقوعناصر طبيعية وأجزاء سائبة يمكن للأطفال دمجها والتلاعب بها وتكييفها لأغراضهم الخاصة.على البالغين (الأهل ومربي المراحل الأولى) تصميم بيئة للّعب في الهواء الطلق بنفس القدر من العناية والاهتمام الذي يولونه للبيئات الداخلية، ما يضمن أن تشمل هذه الفرص جميع الأطفال، وخاصة ذوي القدرات المختلفة.
موارد وروابط مفيدةTumbling over the edge: A rant for children’s play Bos, B. & Chapman, J. Roseville. (2005). CA: Turn the Page Press.Making Space for Children: Rethinking and Recreating Children’s Play Environments Society for Children and Youth of B.C. (1999). Available at www.scyofbc.org Caring Spaces, Learning Places: Children’s Environments that Work Greenman, J. (2005). Redmond, WA: Exchange Press.Canadian Association for the Right to Play (IPA Canada): www.ipacanada.org International Play Association: www.ipaworld.org Playing for Keeps: www.playingforkeeps.org Invest in Kids: www.investinkids.ca Click on “Comfort Play and Teach” for activities and information on play for parents of children from birth to eight years old.The Geography of Childhood: Why Children Need Wild Places. Nabhan, G.P., & Trimble, S. (1994). Boston, MD: Beacon Press.Canadian Child Care Federation: www.cccf-fcsge.ca  Go to the e-store to view the following titles: Outdoor play in early childhood education and care programs and Quality environments and best practices for physical activity in early childhood settings.Natural Learning Initiative: www.naturalearning.org Evergreen: www.evergreen.ca موارد وروابط مفيدةPreschool Outdoor Environment Measurement Scale DeBord, K., Hestenes, L.L., Moore, R.C. Cosco, N.G., & McGinnis, J.R. (2005). Lewisville, NC: Kaplan Early Learning.The Great Outdoors: Restoring Children’s Right to Play OutdoorsRivkin, M. (1995). Washington, D.C.: NAEYC.The Play For All Guidelines: Planning, Design, and Management of Outdoor Play Settings For All Children (2nd ed.)Moore, R., Goltsman, S., & Iacofano, D. (Eds.). (1992). Berkeley, California: MIG Communications.
التحدي في المستقبلفي المناخ الحالي من القلق بشأن الاستعداد للمدرسة، علينا أن نحافظ على بعض فرص الأطفال للّعب لتحقيق أغراضهم الخاصة. إذا كنا نثق في الأدلة التي تشير إلى أن لعب الأطفال هو في صميم النمو والتطور والتعلم المبكر بشكل صحي، فعلينا التأكد من أن الأطفال لديهم ما يكفي من الوقت والموارد المناسبة والدعم لتطوير القدرة على المشاركة بشكل مستقل في لعب حر ممتد. إذا كان اللعب يخدم دائمًا وحصريًا أهداف البالغين التربوية، فإنه لم يعد لعبًا من وجهة نظر الطفل. يصبح عملاً، وإن كان منظمًا بمرح.في العديد من برامج الطفولة المبكرة، تعتبر بيئة “اللعب الحر” مرادفة للوقت غير المنظم. يقوم المعلمون بعمل التدريس المهم أثناء وقت الأركان ووقت الدوائر. اللعب الحر العفوي غير مهم في المسعى التعليمي. على المربين في مرحلة الطفولة المبكرة إيجاد طريقة لتخصيص وقت واهتمام متساويين لتسهيل اللعب الحر التلقائي للأطفال وتعزيز مقاربات مرحة في التعلم المبكر.ليس لدى العائلات حافز كبير لتخصيص وقت للّعب. إنهم بحاجة إلى معلومات جيدة حول فوائد اللعب الحر غير المنظم في مرحلة الطفولة المبكرة وفرص منتظمة للمشاركة مع أطفالهم في اللعب. يحتاج مربّو مرحلة الطفولة المبكرة ومعلمو المدارس الابتدائية إلى إعداد متخصص للمشاركة بشكل مريح في اللعب الحر الذي يباشره الطفل، إضافة إلى تجارب تعلّمية أكثر تنظيماً قائمة على اللعب.يتعين على المربين في مرحلة الطفولة المبكرة والأهل والمناصرين للّعب والباحثين القيام بما يلي:التأكد من وجود وقت ومساحة وظروف كافية لتطوير اللعب، سواء في الداخل أو الخارج.التأكد من أن بيئات التعلم المبكر تتمتع بتوازن مناسب بين اللعب الحر الذي يباشره الطفل والتعلم الأكثر توجيها.تحسين جودة ونطاق اللعب في بيئات التعلم المبكر.إنشاء أدوات لتقييم جودة بيئات وخبرات اللعب.إيضاح بدقة نتائج التعلم من اللعب، تلك الاجتماعية والعاطفية والمعرفية والإبداعية والجسدية.إنشاء أدوات لتقييم تعلم الأطفال الأفراد ومجموعات الأطفال في سياقات اللعب.توفير تركيز واضح في كل من تدريب المعلمين قبل الخدمة وأثناء الخدمة على تطوير مجموعة كاملة من الأدوار للبالغين التي تسهل لعب الأطفال.تعزيز قيمة اللعب وحق الطفل في اللعب.يميل نظام التعليم الرسمي والبيئات التعليمية المنظمة لمرحلة ما قبل المدرسة إلى التأكيد على فوائد اللعب كوسيلة لتحقيق غاية. مع استمرار الجدل في كندا حول ماهية ووقت وكيفية تسهيل التعلم في الطفولة المبكرة، فإن فلسفة تعليم الطفولة المبكرة التي طُورت على مدى عدة عقود من الممارسة لديها الكثير لتساهم به. النهج الشامل لتعزيز التعلم من خلال اللعب يجب أن يُدرِك سلسلة اللعب الكاملة وقيمة المعلمين المَهرة في تسهيل فرص اللعب الحر التلقائي في الطفولة المبكرة.

المراجع