اكتساب اللغة
يتواصل الأطفال منذ ولادتهم مستخدمين الأصوات ثم الحركات. اللغة الشفهية توسع "ذخيرة" الطفل من أجل التواصل، فيصبح من الممكن له التعبير عن المشاعر والحاجات وتبادل الأفكار.
المولدون حديثاً يكتسبون اللغة:
يتمتع البشر بالقدرة الفريدة على خلق لغة واستخدامها. الحيوانات الأخرى يمكنها التواصل من خلال عدد معين من الصرخات أو الحركات التي تشكل إشارات معزولة تحمل رسائل محددة للغاية.
أما اللغة البشرية، فهي مرنة ومنتجة. إذ يمكن أخذ عدد صغير من الأصوات أو الايماءات التي لا معنى لكل منها بمفردها وجمعها وفقاً لمجموعة من القواعد المتفق عليها، فتنتج عدداً غير متناهٍ من الرسائل. يقدر وجود حوالي 6 آلاف لغة يتكلمها الناس في عالمنا اليوم.
يقول لنا العلماء إننا نولد ونحن "جاهزون للغة" هذا يعني أن كافة الأطفال المولدين حديثاً يتجاوبون تجاوباً عالياً مع تعلم اللغة، وهم بالتالي يتمتعون بقدرة عالية على تعلم الكثير بسرعة وبسهولة. إنها لرحلة رائعة.
عندما يتكلم الكبار مثل الصغار
يتكلم البالغون في كافة أنحاء العالم بطريقة معينة مع الرضع والأطفال الصغار. ويربط اسم طريقة التواصل هذه في اللغة الانجليزية بالأم وتسمى لغة motherese (نسمها هنا "لغة الأمومية" تمييزاً لها عن "لغة الأم").
تناسب هذه الطريقة تماماً تفضيلات الصغار السمعية، إذ يتجاوب الرضع بشكل أفضل مع الأصوات ذات النبرة المرتبعة. والنطق البسيط والواضح أسهل على فهم الرضع، وهذه "اللغة" تتكيف مع النمو. فالبالغون يعدلون تفاعلات لغتهم بحسب تنامي المهارة عند الأطفال، وحتى الأهل الصم يستخدمون شكلاً من أشكال اللغة الخاصة بالأطفال عند الإشارة لأطفالهم.
يبدو أن هذه "اللغة" عابرة للغات والثقافات.
تكييف تواصلنا
فكروا بطريقة كلامكم أنتم وكلام الناس حولكم مع طفل صغير جداً.
محادثة مع طفل صغير
تقدم لنا سلوكيات الأطفال الصغار إشارات إلى ما يريدونه ويحتاجون إليه، ونحن نتفاعل مع هذه الإشارات. بذلك تتطور تدريجياً تبادلات مختصرة لتصبح سلاسل مستمرة من التواصل المتبادل.
والتواصل ذهاباً وإياباً بيني علاقات تبادلية، حيث يستثمر فيها كل من الطفل الصغير والبالغ، ويستفيدان من العلاقة، هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لتطور الدماغ.
التواصل غير اللفظي يبعث رسائل قوية جداً:
كما رأينا في الفيديو الأخير مع الطفلة التي عمرها شهران، جرسي، يتواصل الأطفال بطريقة غير لفظية قبل استخدام الكلمات بوقت طويل. يمكننا أن نتعلم ما الذي يهم الأطفال وما الذي يحتاجون إليه من خلال مراقبة سلوكهم وتواصلهم غير اللفظي.
التواصل مسار باتجاهين، والأطفال يتعلمون التواصل منا، لذلك يصبح تواصلنا غير اللفظي مهماً، أي كيف ننظر إلى الطفل، وكيف نبتسم، وكيف نظهر اهتمامنا، وكيف نوجه جسدنا باتجاه الطفل الصغير. وأحياناً، تكون المحادثات الأفضل مع الأطفال الصغار حين لا يقول احد أي كلمة.
دورُ الأهل ومانحي الرعاية دورٌ مركزيٌ في لغة الأطفال وتلمهم
تأثيرات كلام الأمهات على مفردات الطفل الصغير
قام الباحثان الأميركيان، هارت وريسلي، بدراسة التطور المبكر للغة من خلال قياس عدد الكلمات التي سمعها الأطفال في بيوتهم أثناء مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة. وقد جرى ربط الفوارق في الاختبار المبكر للغة (بما فيها التواتر والتنوع) بمستوى التحسن على صعيد نتائج الطفل عندما بلغ سن التاسعة.
انظروا الرسم البياني: إنه يظهر أنه كلما سمعا لطفل لغة توسعت مفرداته، والرسم مأخوذ من بيانات في دراسة مهمة عن تطور اللغة، وهو يظهر كيف يؤثر كلام مانحي الرعاية على مفردات الأطفال الصغار. إن عدد الكلمات التي يستخدمها الطفل عندما يكون عمره سنتين (الخط العمودي) يرتبط بعدد الكلمات التي سمعها منذ ولادته. ويظهر الخط الأفقي كيف يتطور الأطفال الصغار بحسب الأشهر. وكما نرى، كلما تحدثت الأم مع الطفل الصغير فإنه يتعلم عدداً أكبر من المفردات. فالأطفال الذين يبلغ عمرهم سنتين والذين تتحدث أمهاتهم معهم كثيراً عندما كانوا رضعاً (المثلثات الزرقاء) نراهم يستخدمون كلمات اكثر بأربعة أضعاف من أقرانهم الذين كانت أمهاتهم يتمكن معهم بوتيرة أقل.
تشكل وتيرة استخدام اللغة وتنوعها أمرين مهمين جداً. فالأطفال يحتاجون إلى تفاعلات عديدة ومتنوعة مع الأشخاص، وإلى سماع الكلمة ست أو سبع مرات قبل أن "تلصق". كذلك فإن أسلوب استخدام اللغة الغني والذي يستدرج ردود إيجابية متواصلة يحدث فرقاً، والأطفال الذين يسمعون لغة أغنى يطورون مفردات أفضل، وبالتالي سيكون أساس تعلم القراءة والكتابة عندهم أفضل. أما حجم مفردات الأطفال، فهو يعتمد على التعرض للكثير من محفزات اللغة باكراً. إذ تظهر الأبحاث أن الفوارق في اختبار اللغة مبكراً، في السنوات الثلاث الأولى، ترتبط بالتحسن على صعيد نتائج الطفل عندما يبلغ سن التاسعة.
وتظهر الدراسات كذلك أن الطريقة التي يتحدث ويصغي بها الأهل وسائر مانحي الرعاية في المنزل تخلق بيئة لغوية، وهذا الأمر يرتبط الأطفال اللفظية اكثر مما يرتبط بدخل العائلة.
الأنماط العالمية في تطور اللغة (عند الأطفال)
- الانتقائية
- الانتقال من الملموس إلى المجرد.
- الانتقال من البسيط إلى المعقد.
- التسلسل.
في أي لغة كان، سواء كانت السواحلية أو المندربين (الصينية) أو الانكليزية أو العربية... فإن الكلام بشكل عام يتبع نفس أنماط التعلم والتطور تقريباً. وأنماط تطور اللغة وتعلم القراءة والكتابة هي ما يلي:
- الانتقائية: يقوم الأطفال الصغار في جميع أنحاء العالم، بنفس أصوات الخرخرة والهديل. بعد حوالي ستة اشهر نراهم يباشرون بإصدار الأصوات المرتبطة باللغات التي يسمعونها من حولهم.
- الانتقال من البسيط إلى المعقد: ينطق الأطفال الصغار كلمات منفردة أولاً ثم يقومون ببنائها معاً لتكوين الجمل. على سبيل المثال، قد يقول طفل عمره 18 شهراً كلمة "بقرة" كجملة من كلمة واحدة (جملة متكاملة من كلمة واحدة)، وقد يكون لهذه الكلمة- الجملة العديد من المعاني الممكنة عنده. مثل "أرى بقرة" أو "أي البقرة؟" أو "أنا أحب البقر"، وما غلى ذلك. وعندما يبلغ السنتين والنصف نراه يجمع أكثر من كلمة ليقول "بقرة كبيرة"، أو "لا يمكننا العثور على بقرة".
- الانتقال من الملموس إلى المجرد: الكلمات الأولى عادة ما تسمي الأشخاص المهمين في حياة الطفل، كماماً وبابا، وأمور مهمة كالطعام المفضل. أما الكلمات التي تعبر عن المشاعر والتفكير، فهي تأتي لاحقاً.
- التسلسل: يستخدم الأطفال كلمة واحدة ثم اثنتين قبل استخدام الجمل الطويلة.
تتكشف أنماط تطور اللغة في سياق ثقافة الطفل وحياته اليومية. ولكل طفل أيضاً معدلات فردية في النمو والتطور. فقد يطور طفل ما لغته قبل الآخر، ولكن في وقت لاحق، فقد تكون مهاراتهم اللغوية متطابقة. وممارسات تربية الأطفال تؤثر بشكل أساسي على أنماط نموهم. لذا فإن "وصفة" جاهزة عن علامات "طبيعية" أو عالمية على طريق النمو تصف جدولاً معيناً لمهارات محددة بدقة قد تفشل في إدراك تأثير البيئات والسياقات الثقافية المختلفة.
دعم تعلم القراءة والكتابة من خلال اللعب
اللغة والثقافة:
"تشكل اللغة جزءاً أساساً من ثقافة الشعوب. فهي الوسيلة الرئيسية التي ينقل من خلالها الناس المعلومات والقيم والثقافة والنظرة الجماعية إلى العالم. من جيل إلى جيل آخر.
اللغة تشكل الطريقة التي تفكر عبرها ونرى الأمور ونتواصل معاً، والطريقة التي نتجاوب من خلالها مع العالم حولنا".
يعمل الإطار (السياق) الثقافي على تشكيل ما يفكر به الأطفال، واللغة التي يستخدمون، والطريقة التي يتواصلون من خلالها. كما يؤثر الإطار الثقافي على ماهية المهارات التي يزيد احتمال اكتسابها من قبل الأطفال في الطفولة المبكرة وما بعدها. على سبيل المثال، يتوقع من أطفال صغار في المملكة المتحدة التعرف على الوان رئيسية وتسميتها (مثلاً، أحمر وأزرق وأصفر) كنتيجة لحضورهم برامج ما قبل المدرسة، فيما يتمكن أطفال الرعاة المنغوليون من نفس العمر من تمييز بين 320 حصاناً وتسميتها من خلال مزيج ألوانها الذي يشمل أطيافاً من الأبيض والأسود والرمادي (بن، 2010).
تعلم القراءة والكتابة في برامج تنمية الطفولة المبكرة:
يجري دعم التعلم المبكر للقراءة والكتابة واللغة في برامج ما قبل المدرسة، "مدرسا" في أفريقيا الشرقية (Madrasa).
الروعة الناجمة عن سماع القصص والبيئات المحفزة ومواد التعليم النشط والمعلمون المشجعون... كل ذلك يؤمن فرصاً عديدة مختلفة لدعم مهارات تعلم القراءة والكتابة واللغة.