نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

الوحدة الثانية - التكيف و الكفاءة في الطفولة المبكرة

الجزء الثاني  - التظيم الذاتي


يولد الأطفال مندفعين إلى التفاعل الاجتماعي.


التبادل الاجتماعي الذي يختبره الأطفال في بداية حياتهم يؤثر في قدراتهم الناشئة على التكيف وعلى اكتساب الكفاءة. وهذه التفاعلات المتبادلة التي تحدث كل يوم حياة الرضع (كالاستيقاظ والرغبة في أن نحملهم، والشعور بالجوع وإطعامهم، والابتسامة والرد على الابتسامة من قبل الآخرين بابتسامة مماثلة) هي أمور يكون الدماغ البشري جاهزاً لها عند الولادة. وكافة هذه التفاعلات الصغيرة، ومنها انتباه الطفل الصغير إلى الأطفال الصغار الآخرين، تساعدهم على تعلم التكيف والتأقلم مع متطلبات وحوافز العالم المحيط بهم. وفيما يتعلم الأطفال التكيف مع التحديات والمواقف الجديدة، فإنهم يبنون كفاءات- أو قدرات- المعرفة والتحرك والتعاطي مع الآخرين والازدهار في الحياة. ويمكن أن يفعل الأطفال ذلك في أنواع عديدة متنوعة من العائلات والبيئات.


إحدى الطرق الأساسية لتحقيق الكفاءة والتكيف هي من خلال تطوير الأنظمة التنظيمية. يتأثر تطوير هذه الأنظمة بشكل كبير بجودة البيئة الاجتماعية، وخاصة جودة العلاقات الشخصية التي تتشكل في وقت مبكر من الحياة. تتوافق هذه النتائج مع الفكرة القائلة بأن التجارب المبكرة تصبح متأصلة بيولوجيًا، خاصة خلال الفترات الحساسة، ولها تأثيرات واسعة النطاق ودائمة على التطور اللاحق (Keating & Miller, 1999, p. 232).

التنظيم الذاتي 

التنظيم الذاتي هو "... القدرة على أن يسيطر المرء على انتباهه وعاطفته وسلوكه بمستوى مناسب لعمره وثقافته" (كلينتون، 2020، ص 51). وهذا يتضمن أن نأخذ في الاعتبار ليس أفكارنا ومشاعرنا فحسب، بل أفكار ومشاعر الآخرين أيضًا. إن التنظيم الذاتي أمرٌ أساسي لانتقالنا من العجز إلى الكفاءة.

أكد باحثون من مختلف التخصصات على الأبعاد الفيزيولوجية والذهنية والعصبية والنفسية والاجتماعية للتنظيم الذاتي بالإضافة إلى المشكلات التنظيمية (فوهْس وبومستر، 2010). وهم يشتركون في فكرة مشتركة مفادها أن التنظيم الذاتي يشكّل مجموعة مركزية من مهارات وقدرات مترابطة تؤثّر على التعلم والسلوك والصحة.


شاهد
يصف الدكتور ستوارت شانكر، أستاذ الأبحاث الفخري في جامعة يورك، ما هو المقصود بمصطلح التنظيم الذاتي وكيف يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنمو الدماغ المبكر.


شاهد

حين يتعلم الأطفال التأقلم، أو التنظيم الذاتي للمشاعر والسلوكيات والانتباه فهذا يساعدهم على استيعاب التحديات والفرص في عالمهم.


التنظيم الذاتي هو العملية الواقعة في قلب التكيف والكفاءة.

إن كيفية تنظيمنا لمشاعرنا وسلوكنا وانتباهنا تشكل أمراً أساسياً في طريقة تجاوبنا مع العالم من حولنا. وتعود جذور ذلك إلى بيولوجية أجسامنا. ويؤثر التنظيم الذاتي في الكيفية التي نعيش بها حياتنا كل يوم.

تشكل الخبرات الحياتية السبل العصبية المنخرطة في التنظيم الذاتي لعمليات التأقلم مع الفرص والتحديات المحددة التي نواجهها في بداية حياتنا. فإذا تمكن الأطفال من تطوير مهارات التنظيم الذاتي باكراً فإنهم سينطلقون على طرقات التكيف والكفاءة.

ويمكن أن يزدهر الأطفال في أطر وسياقات مختلفة عديدة، ولكنهم يميلون إلى التمتع بسمات مشتركة، منها الهدوء، والتركيز والانتباه، والقدرة على التواصل بفعالية، واكتساب الأصدقاء والإصرار على إنهاء المهام والإبداع فيها، وحل المشكلات.

ثلاثة من جوانب التنظيم الذاتي:

  • يشكل تنظيم الطاقة (الاستثارة والتعافي) أساساً لكيفية تنظيم مشاعرنا وسلوكنا وانتباهنا.

  • إن تنظيم الشعور يكمن في عملية المبادرة إلى حصول المشاعر أو شدتها أو مدتها، والمحافظة عليها، وتعديلها.

  • أما ضبط السلوك فهو تنظيم التفاعلات الاجتماعية مع الآخرين وتنسيق الحركات الجسدية، أما تنظيم الانتباه فهو القدرة على التركيز باختيار وبوعي، وهو أساس الإصرار والفضول والذاكرة والمرونة الذهنية والتخطيط وحل المشكلات.


بأبسط العبارات المقصود بالتنظيم الذاتي هو: "كيفية تعامل الطفل مع عوامل الضغط بكفاءة وفعالية، ومن ثم التعافي" (Progres,2011: Lillas & Turnbull, 2009; McEwen, 2002) القدرة على الحفاظ على التركيز والانتباه بهدوء. لكن التنظيم الذاتي ليس فقط التحكم الذاتي الذي هو جزء منه. كلما تمكن الطفل من التنظيم الذاتي، تمكن من التعامل مع التعلم ومع تحديات معقدة أخرى.


فكروا في....  إياد  
  • يستيقظ إياد البالغ من العمر ثمانية أشهر من قيلولته. يجلس في مهده ويرى أمه وجدته خارج الباب مباشرة تعدّان الطعام لوجبة المساء. يُصدر أصواتًا محاولًا الاتصال بهما. كأنهما لم تسمعا إياد، فينادي بصوت أعلى فأعلى. ما زالتا لا تلتفتان إلى إياد. يبدأ بالبكاء ثم الصراخ وركل المهد، وما زالت أمه وجدته لا تأتيان إليه. عليهما إعداد الطعام وهما تشعران أن إياد سيتوقف في النهاية ويسلي نفسه. أخيرًا، يستلقي إياد على ظهره منهكًا، لكنه ما زال يبكي بهدوء.
قارنوا هذه التجربة بما يلي:  
  • يستيقظ إياد البالغ من العمر ثمانية أشهر من قيلولته. يجلس في مهده ويرى أمه وجدته خارج الباب مباشرة تعدان الطعام لوجبة المساء. يصدر أصواتًا محاولًا الاتصال بهما. كأنهما لم تسمعاه، فينادي بصوت أعلى فأعلى. تستدير والدته وتبتسم وتأتي إليه. تسأل والدتُه عما إذا كان قد حصل على قيلولة جيدة بينما تلتقطه. تُقبّله وتأخذه إلى الخارج. ترفع الجدةُ ذراعيها وتضعه والدة إياد بلطف بين ذراعي جدته. فتقبله جدته أيضا وتتحدث معه. ثم تُجلِس إياد على ساقيها وتعطيه قطعة صغيرة من الخبز.


  • في كل من هاتين الحالتين، ماذا يتعلم إياد عن عالمه برأيكم؟
  • ماذا تعتقدون أنه يتعلم عن نفسه؟ وعن أمه وعن جدته؟
  • كيف يتعلم التكيّف؟
  • بناءً على ما تعلمتموه من شانْكر وكلينْتون وكورتْر، كيف قد تؤثر تجارب إياد على تطور تنظيمه الذاتي؟


شاهد
يعرض الفيديو التالي أمثلة لمقدمي رعاية يساعدون رضّعا وأطفالا صغارا على تطوير التنظيم الذاتي، وبعبارة أخرى، التنظيم المشترك. إذا شاهدتم بعناية، سترون أمثلة عديدة في اللحظات اليومية العادية المصورة في هذه اللقطات.


  • ما هي جوانب التنظيم الذاتي التي لاحظتموها في هذه الأمثلة؟
  • كيف يدعم مقدمو الرعاية الأطفال في محاولاتهم للتنظيم الذاتي في مشهدَيْ "وقت القيلولة" و"مزيد من العنب"؟ كيف ساعدَت الأم في المشهد الثاني ابنها على السيطرة على انفعالاته؟
  • ماذا عن "العقدة"؟ يحدث الكثير في هذا المشهد في بضع ثوان. كيف يساعد المربي كول على "حفظ ماء وجهه" ودعم تطوير تنظيمه الذاتي دون أن يكون ملحوظا؟

مستويات الاستثارة والتعافي- أو استعادة التوازن: needs a scale design

نائم نعسان/ خامل متنبه/ متيقظ قليلاً مركز بهدوء ومتنبه متنبه بإفراط مغمور (استثارة قوية جداً)

الحالة المثلى

"إن أسس انخراطنا واستثارتنا وتفاعلنا مع الإحباط والفرص والتحديات والأفكار الجديدة موجودة في بيولوجية أجسامنا (حالات الاستثارة والتعافي)".

هكذا يعمل التنظيم الذاتي:

تعمل حالات الاستثارة (استجابات أجسادنا تجاه معطى أو تأثير خارجي) على مسار متواصل: من النوم إلى القلق وإلى عدم القدرة على التكيف.

وتفعيل الطافة أو الاستثارة (وبعد ذلك تخفيف التسارع- أو التعافي) يشكل اتسجابة الجسد، أو رد فعله على المحفزات.

إن مدى التعافي اللازم أو مدى التفعيل اللازم من أجل مهمة معينة يختلف من طفل إلى طفل ومن وضع إلى وضع. والتركيز والتنبه بهدوء يضعان حالة الاستثارة في الوسط، وهي مفتوحة على استقبال ودمج المعلومات القادمة من الحواس المختلفة.

على سبيل المثال، صوت الرعد القوي قد يتسبب بالذعر لشخص ما، وهذا الشخص قد يشعر بالهدوء سريعاً ويعود إلى ما كان يقوم به. أما شخص آخر، فقد يشعر بالعصبية والذعر لفترة أطول ويجد صعوبة في استعادة التركيز.

عندما تكون التجارب الحياتية قوية جداً، أو غامرة، فإن تنظيم الاستثارة لدى طفل صغير يمكن أن يكون غامراً أو أكبر من إمكاناته، فقد ينغلق الأطفال الصغار على أنفسهم أو قد يصبحون مفرطين في التنبه. يختلف الأطفال في قدراتهم على القيام بتغييرات تدريجية وسريعة في مسار الاستثارة المتواصل، وعلى العودة إلى خط الأساس (حيث كانوا قبل الخبرة المستثيرة)، وعلى تعديل الارتفاع والهبوط في مستويات الطاقة في حالة معينة. يحتاج بعض الأطفال إلى خبرات حياتية تساعدهم على تنظيم نظام الاستثارة هبوطاً، أي التنبه مع الحفاظ على الهدوء، فيما يحتاج آخرون إلى خبرات نشطة تساعدهم على تنظيم حالة الاستثارة صعوداً.


هل يمكن أن تفكروا ببعض الأمثلة؟

     الاستثارة والتعافي: كأن نضغط على "دوّاسة" البنزين!

    • يمكن مقارنة التنظيم الذاتي بقيادة سيارة: الدماغ ينشط النظام العصبي استجابة لعامل ضغط، فيضغط على دواسة البنزين، ثم يحررها ليعود إلى التوازن، أي إلى حالة التركيز والهدوء.
    • يحتاج بعض الأطفال إلى دوس "البنزين" أكثر من الآخرين لكي يحافظوا على الهدوء لأنهم يجدون صعوبة في تنظيم ما يدخل من خارجهم.


    شاهد
    د. ستيورات شانكر هو أستاذ بحوث متميز في جامعة نيويورك، وهو يشرح أن التنظيم الذاتي يدأ بعد الولادة.

    يقارن شانكر التنظيم الذاتي بطريقة عمل دواسة البنزين.

    وهو يشدد على أهمية أن يدرك الكبار كمية الطاقة اللازمة لإيقاف مصادر الإلهاء عند أطفال كتلك الطفلة، وإيجاد طرق لدعمهم.


    • هل يمكنكم أن تفكروا بمثل مشابه؟
    • ما هي بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد طفلاً يعاني من صعوبة في العودة والمحافظة على مرحلة التنبه والتركيز بهدوء؟


      اقرأ
      ما تحتاجون إلى معرفته
      بقلم ستوارت شانكر
      التنظيم الذاتي: السنوات الأولى
        تطرح القراءة التالية كيف يمكن أن تؤثر الضغوطات (العوامل المسببة للتوتر) على مستوى الإثارة وبالتالي على قدرة الطفل على التنظيم الذاتي. كما تستعرض أيضًا بعض الضغوطات الشائعة في السنوات الأولى والخطوات الخمس لطريقة شانْكر للتنظيم الذاتي التي يتم تناولها بمزيد من التفصيل. لمعرفة المزيد....

      التنظيم الذاتي وضبط النفس


      انقروا على التفاعل للحصول على رسم بياني من مركز مهرِت (MEHRIT)، وهو مؤسسة اجتماعية تركّز على التنظيم الذاتي الواعي أنشأها الدكتور شانكر. يشرح الرسم البياني الفروق بين التنظيم الذاتي وضبط النفس. وكما يوضح الرسم البياني، "التنظيم الذاتي يجعل ضبط النفس ممكنا، وليس العكس".


      شاهد
      يشرح كارل كورتر ما يتعلمه الباحثون حول العلاقة بين التنظيم الذاتي واللعب.


      • كيف تفسرون الفرق بين التنظيم الذاتي وضبط النفس للزملاء أو الأهل؟
      • يشير هذا البحث إلى أن قدرة الطفل على التحكم في دوافعه في سن الرابعة ترتبط بالعديد من النتائج طويلة المدى. هل فوجئتم بالنتائج؟ لماذا أو لما لا؟
      • لماذا تعتقدون أن حالة الاسترخاء تُحدث هذا الفرق في ضبط النفس لدى الطفل؟
      • هل يمكنكم رؤية أي تبعات لدى الأهل والبالغين الذين يعملون مع الأطفال الصغار؟

      التنظيم الذاتي واللعب

      أثناء اللعب، تتاح للأطفال فرص لممارسة نوع المهارات الأساسية للتنظيم الذاتي كالتفكير المرن، والاهتمام المركّز، والسلوك الموجه نحو الأهداف، والقدرة على التفاوض والتعاون مع أقرانهم.


      شاهد
      يشرح كارل كورتر ما يتعلمه الباحثون حول العلاقة بين التنظيم الذاتي واللعب.


      هل رأيتم أطفالا يشاركون في لعب تمثيلي يسمح لهم باستكشاف مهارات التنظيم الذاتي التي ذكرها كورتر، مثل المرونة، واستخدام الذاكرة العاملة، والبقاء في الدور وممارسة الكبح؟


      شاهد


      • ما هي مهارات التنظيم الذاتي التي اظهرها الاطفال في هذا الفيديو ؟
      • كيف أظهر الاطفال أنهم يعروفون كيف يتعاونون و يتلزمون بقواعد اللعبة؟


      لمعرفة المزيد انظر الى الرسم أدناه https://hscsr.rrc.ca/secd/interactions/selfRegReview/selfRegReview.html