مقدمة
نظرية الثقافة الاجتماعية
د. ليف فيغوتسكي، وهو عالم نفس روسي عاش في أوائل القرن العشرين، فهمَ نموّ الإنسان الفردي ضمن سياقه الاجتماعي والثقافي والتاريخي.
قراءة د. فيغوتسكي والنظرية الاجتماعية الثقافية
تُعرّف د. باربرا روغوف (جامعة كاليفورنيا سانتا كروز) وزملاؤها (2003) نموّ الإنسان بأنّه مسارٌ ثقافي يتمّ من خلال المشاركة المتغيّرة في أنشطة ثقافية. تستند ممارسات تربية الأطفال إلى الثقافة وتعكس وجهات النظر المحلية حول العالم وكيف علينا تحضير الأطفال للمشاركة في هذا العالم. تناقش روغوف الأنماط الثقافية المختلفة. على سبيل المثال، تقوم مجتمعات بدمج الأطفال في الحياة المجتمعية بينما تقوم أخرى بفصلهم في "عالمٍ خاص بالطفل" (غلافونو، 2011).
تؤدّي الظروف الثقافية المختلفة إلى مهارات اجتماعية وقدرات معرفية ومشاعر مختلفة جدًا تجاه الذات والآخرين.
"إنّ دراسة الثقافة/الحضارة والنموّ/التطوّر يسيران معًا: من الأفضل فهم الحضارة تاريخيًا، ودراسة كيف تعكس الممارسات الحالية الظروف والأفكار السابقة، ورؤية كيف تتكيّف الأجيال الجديدة مع ممارسات أولئك الذين سبقوهم. وتنطوي هذه المقاربة التاريخية على نموّ الأفراد وكذلك الأجيال. من الأفضل فهم النموّ من خلال الثقافة/الحضارة، فالناس جميعهم يتطوّرون في سياقِ أوقات وأماكن معيّنة" (روغوف في غلافونو، 2011، ص. 410).
ترى نظرية برونْفِنْبْرِنِّر البيئية لنمو الإنسان، الفرد وثقافته/ها ككيانات منفصلة. ومن هذا المنظور، تؤثر الثقافة على الفرد من خلال خصائص المنزل والمجتمع أو من خلال السياقات الأبعد للمؤسّسات المجتمعية الأوسع. في المقابل، ترى روغوف أنّه لا يمكن فصل الثقافة/الحضارة عن الفرد. تدمج مقاربة روغوف وجهة نظر برونْفِنْبْرِنِّر بأنّ الطبقات العديدة لبيئة الطفل تتفاعل مع وجهة نظر فيغوتسكي القائلة إنّ الأطفال في جميع المجتمعات هم جزء من الثقافة يعيشون في مجتمع معيّن في وقت محدّد من التاريخ (فيليز أغوستو وآخرون، 2017).
التجارب والتوقّعات من الطفولة
إنّ وجهات نظرنا حول النوم والتغذية والتوجيه والاستقلال وكافة التفاصيل الصغيرة والكبيرة المتعلقة بتربية الأطفال تتأثر بشدّة بالثقافة/الحضارة.
وفي حين أنّ اللعبَ نشاطٌ سائد، فإنّ أطفالًا في أجزاء كثيرة من العالم ينخرطون أيضًا في كثير من الأحيان في مهام البالغين، مثل رعاية الأشقاء وجمع الحطب والرعي والعمل في الحقول والقيام بأعمال منزلية. قبل سن السادسة أو السابعة من العمر، يُعتبر الكثير من العمل الذي يقوم به الأطفال الصغار بمثابة لعب، وكثيرٌ من لعب الأطفال يقلّد العمل الذي يؤدّيه الكبار. في مجتمعات عديدة، يصبح الأطفال في سن السادسة أو السابعة مسؤولين عن شيء ما هو عملٌ يقدّم مساهمة للأسرة أو المجتمع.
في أجزاء كثيرة من العالم، يتحمّل الأطفال مسؤوليّات مهمّة يمكن اعتبارها "عملًا" يساهم في دخل الأسرة. استمعوا إلي كارولين أرنولد، مديرة التعليم سابقًا في منظمة "آغا خان"، عمل الأطفال ولماذا ترى أنّ الأمر ليس مسألة أبيض أو أسود.
يُظهر الفيديو التالي أطفالًا في موزمبيق يساعدون في الأعمال المنزلية. شاهدوا مجموعة من الأشقّاء يساعدون والدتهم في الحصاد عن طريق تقشير كيزان الذرة المجفّفة، ثم الجدّة تساعد أحفادها في تحضير الخضروات.
في بعض الثقافات، من الشائع أن ينشأ الأطفال في عائلات كبيرة ممتدّة. وفي ثقافات أخرى، يعيشون مع عائلاتهم المباشرة فقط، أي الوالدين أو أحدهما والأشقاء. في مقطع الفيديو التالي، استمعوا إلى الدكتورة راديكا فيرورو، أستاذة الطب السريري في جامعة تكساس الزراعية والميكانيكية، وهي تتحدث عن كيفية تأثير ذلك على التصوّرات المتعلّقة بالطفولة في ما يخصّ بيئات عائلية في الهند.
فكروا في المثال التالي لحياة يومية لطفل من ريف نيبال ينشأ في أسرة ممتدّة.
تصف فيرورو أيضًا بعض الاختلافات الأخرى في كيفية النظر عادةً إلى الأطفال والطفولة في الهند مقارنة بالتفكير الغربي النموذجي.
تشكيل النموّ المبكر
تُظهر الأبحاث التي أجراها الدكتور كانغ لي في معهد د. إريك جاكمان لدراسات الطفل في جامعة تورنتو قوّة السياق الثقافي في تشكيل النموّ المبكر. فقد بيّنت دراساته حول الاهتمام البصري للأطفال وتفضيلاتهم تعلّمًا رائعًا في سنّ مبكرة جدًا. في الفيديو التالي، يصف د. لي النتائج حيث يُظهر الأطفال اختلافات في تفضيلات الوجه منذ سن مبكرة جدًا، وفقًا لتجربتهم.
تصف الدراسة التالية الأساليب الثقافية المختلفة لتقديم الرعاية.